على رغم الاقفال العام في البلاد، واصل سعر صرف الدولار الأميركي مساره التصاعدي في السوق الموازية، ولامس عتبة الـ 9000 ليرة لبنانية. تقلبات السعر وفق الخبراء الإقتصاديين تتداخل فيها العوامل الإقتصادية بالسياسية، لترسم مستقبلًا متشائمًا لليرة في ظل غياب الحل السياسي.
حول أسباب ارتفاع السعر في فترة الإقفال، لفت الخبير المالي والمصرفي ومستشار اتحاد المصارف العربية بهيج الخطيب في حديث لـ “لبنان 24″، إلى أنّ الطلب على الدولار استمر في فترة الإقفال، بحيث أنّ عددًا من المؤسسات الإقتصادية لا زال يعمل، لشراء السلع الأساسية كالأدوية والطحين والمحروقات، وهناك مواد غذائية غير مدعومة تستورد، منها على سبيل المثال الخضار والفواكه المستوردة الباهضة الثمن التي نجدها في السوبر ماركات الكبيرة.
في المعادلة الإقتصادية المستندة إلى قواعد العرض والطلب يشير الخطيب إلى محدودية العرض على الرغم من انخفاض الطلب على الدولار. بالمقابل الدولار الآتي من الخارج محدود ولا يُنفق منه إلّا للضروريات والباقي يخزّن في المنازل. وبالتالي عندما يتفوق الطلب على العرض يتحرك السوق صعودًا، ولو أنّ حجم الكتلة ضئيل، معنى أنّ مبلغ لا يتعدى العشرة الآف دولار يحرّك السوق بمقدار مئة ليرة.
في الأسباب السياسية وفق الخطيب، ترتبط بورصة الدولار صعودًا وهبوطاً بالوضع السياسي بالدرجة الاولى. والمعادلة واضحة هنا، التشنّج السياسي يرفع من السعر والعكس صحيح، “بمعنى أنّ حصول توافق سياسي من شأنه أن ينعكس حكماً وبشكل إيجابي على سعر صرف الليرة، ويجعلها تتحسّن. كون الحل السياسي يؤدّي إلى إعادة الثقة المحلية، ويُستتبع باستعداد المجتمع الدولي لدعم لبنان بمختلف المجالات المعروفة، كما أنّه يشجع الناس وتحديدًا المغتربين على تحويل الدولار، ليس للايداع طبعاً، ولكن على الأقل لمساعدة ذويهم. القصّة هي قصّة عرض وطلب، ولكنّها مرتبطة بالوضع السياسي، والأخير إمّا يمنح الثقة أو يحجبها”.
في حال استمر الواقع السياسي محكوم بذهنية تقاسم الحصص، لا يرى الخطيب سقفًا لصعود الدولار “من الممكن أن يرتفع سعره بشكل كبير، وبالمقابل حصول حلّ سياسي من شأنه أن يضبط السعر، وقد ينخفض إلى مستويات كبيرة أيضًا، يمكن أن تلامس الـ 6000 أو الـ 5000 الآف ليرة. خصوصًا أنّ السعر الإقتصادي للدولار ليس كما هو اليوم في السوق بحدود 8000 و 9000 الآف، بل أقل من ذلك بكثير، والسعر في السوق الموازية هو سعر سياسي وليس اقتصاديًا”.
أهل الحل والربط، المعنيون بتأليف الحكومة، يدركون تأثير التخلّي عن جزء من أنانياتهم على عيشنا ووجودنا المهدّد باستفحال جشعهم، ولكنّهم يواصلون نهجهم المدمّر مجرّدين من كلّ حسّ وطني.