بين التقيّة الإيرانية التي مارسها الوزير حسين أميرعبد اللهيان، وإعلانه احترام جمهوريته السيادة اللبنانية، مع إصراره على استمرار تدفق النفط النظيف من مازوت وبنزين، لينعم اللبنانيون برفاهية الشعب الإيراني، وبين الكلام الصريح والواضح للسفيرة الأميركية دوروثي شيا، أمام جمعٍ من الشركاء، بأن لبنان لن يُسلّم لإيران ونقطة عالسطر، راسمةً الخطوط الحمراء من الآخر، مجموعاتٌ ثورية أمام وزارة الخارجية كسرت المحرّمات مناديةً “عا راس السطح” “إيران برّا” و”ما بدنا لا مقاومة ولا ثلاثين تركية.”
في المقابل، كلامٌ لرئيس الجمهورية ميشال عون، لافت المضمون، ببسمة عريضة، و”خوش أمديد” حارّة بالضيف شاكراً “الأصيل” على الدعم والمساعدة، وتصرفٌ لافتٌ شكلاً لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عكست الصور المُلتقطة له مع عبد اللهيان، علامات القلق وعدم الراحة البادية على “طلّته البهية”، حيث لم ينظر إلى وجه ضيفه، بينما يقف بينهما جمهورُ الممانعة والمقاومة، المصدّق كذبة كسر الحصار وهزيمة أميركا.
المشترك بين المشاهدين، دولةٌ يا غافل إلك الله، غارقة في درس تعويم طبقتها الحاكمة، وتنويم شعبها الغاشي، في رحلة محاولات لفلفة التحقيقات في ملف تفجير مرفأ بيروت، قادها نجيب العجيب إلى بكركي خارجاً إلى اللبنانيين بأخطر تصريحاته حيث لم يبق سوى الدعاء والصلاة، اللذين حلاّ على بدري أبو كلبشة بنسخة منقّحة، واعداً بمفاجآت في ملف أذونات ملاحقة المدّعى عليهم أمام القاضي طارق البيطار.
ولأن “دورا” حاضرة ناضرة، فزّت وحطّت في وزارة الطاقة للقاء “رجّالها” للمرة الثانية في أقلّ من أسبوع، للإطمئنان إلى نتائج زيارته إلى بلاد الفراعنة بحثاً عن حلّ لأزمة الكهرباء، بعدما نسي جدول ضرب الجيوب في جيبه، ما دفع إلى ابتلاء البلد بأزمة بنزين انتهت بزيادة بتوجّع، في فيلم مرشح للعرض طوال الموسم، طالما أن دمشق مصرّة على اتخاذ كل الإجراءات الضرورية واللازمة لدعم التهريب والمهرّبين.
في غضون ذلك، فإن الديبلوماسي المُعتقل أميركياً، “مرتاحٌ عا وضعه ووقته” ، ينهي جولات رفع العتب على مسؤولي الدولة، قبل أن يلتقي مرشد الجمهورية الحاكم بأمره، مكرّساً بذلك، من وجهة نظره، اصطفاف لبنان في محور إيران، والذي ظهر جلياً من “الجمعة الشيعية ” في المطار ، والنفخ في بوق كسر الحصار وهزم الإستعمار، وتكرار نغمات الإستعداد لتقديم كل ما يُطلب من مساعدة، تتخطّى الصهاريج إلى إنشاء معملي طاقة ، إنما قريباً في بعلبك – الهرمل والجنوب.
على ذمّة الشهيد الحي مروان حمادة، جاء عبد اللهيان لتفقّد أملاكه وجيشه في لبنان، إلاّ أنه أخطأ العنوان بالنسبة للشاطر حسن، لا وألف لا، فالأرض لبنانية الهوية ولن تكون غير ذلك،…. أما مزحة “منفكّر عنّك ومنقرّر عنك” قد تنفع في طهران ولكن ليس في بيروت، الشاكرة لرفاهية ولاية الفقيه.
يبقى مسار وصوله ومغادرته، فمن موسكو إلى بيروت، ومنها إلى دمشق، خلافاً للعادة، مع ما تحمله من معانٍ ورسائل وإشارات… لن يلتقطها إلاّ اللبيب من غير الممانعين والمقاومين للتطبيع والمطبّعين.