تثير الإشارات غير المباشرة من الحكومة، والمباشرة من جمعية المصارف، الخشية من استعمال أصول الدولة لاطفاء خسائر البنوك. ولإعطاء الشرعية لمثل هذه العملية التي ستبذّر الممتلكات العامة من دون أن تؤدّي الغرض منها، يجري العمل على جبهتين: الأولى، تسوّق أنّ المصارف أقرضت الدولة من خلال المصرف المركزي، وقد استفاد كل المواطنين من تثبيت سعر الصرف والخدمات العامة. والثانية أنّ أصول الدولة كبيرة إلى درجة تفي بالديون ويفيض عنها.
إلا أن الحجّتين ساقطتان بحسب الخبراء. فالمصارف لم تأخذ أصول الدولة كضمانة عندما وظّفت أموالها في المركزي، وللغاية تقاضت عليها فوائد خيالية لا تدلّ إلّا على حجم المخاطرة الكبيرة. هذا عدا عن أنّ توزيع أصول الدولة على المودعين يجافي مبدأ العدالة بين المودعين أنفسهم. إذ يأخذ المودع الكبير الحصة الأكبر، وبينهم وبين المواطنين حيث يسدّد دافعو الضرائب حقوق المودعين بعدما دفعوا الجزء الأكبر بالتضخّم. أما الحجة الثانية التي تضخّم أصول الدولة فهي غير منطقية. إذ تظهر دراسة “خصخصة الأصول اللبنانية العامة – لا يوجد حلّ سحريّ للأزمة” أنّ قيمة هذه الأصول مجتمعة تصل إلى 22 مليار دولار بالحدّ الأقصى، فيما الفجوة النقدية هي 80 مليار دولار، هذا ولا يجوز التخصيص “سلّة” واحدة وقبل البدء بالإصلاحات وإنشاء دولة القانون والمؤسّسات وإلا فإنّنا نكون أمام خصخصة الفساد بـ”البلاش”.
نداء الوطن