سؤال طرحه رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس مؤخرا ضمن تصريح ويطرحه معه كل اللبنانين من أصحاب الودائع الذين وثقوا بالنظام المصرفي اللبناني، حيث اقتطعوا مبالغ صغيرة من رواتبهم وتعويضاتهم لتقيهم في المستقبل شر العوز في بلد يفتقد الى كل أنظمة الحماية الاجتماعية، لكن ماذا حصل؟ احتجزت الأموال في البنوك وخسرت 75 % من قيمتها، وها هم “ينقّطون” بها المودعين حينا وفق التعميم 151 أو وفق التعميم 158 الذي يشجّعون الناس عليه ليتخلّصوا من عبئها. بدّدوا وهدروا وما زالوا يمدّون يدهم على هذه الاموال إمّا لسياسات دعم غير مجدية او في الـ”مزراب” الاول للهدر هو قطاع الكهرباء. علت اصوات نيابية مطالبة بوقف إعطاء سلفات خزينة لكن مدّ اليد استمر بعد الـ200 مليون دولار وسيستمر على ما يبدو مسلسل الدعم تحت وطأة التهديد بالعتمة الشاملة لكن الى متى؟.
نعرف ان إصلاح الكهرباء هو على رأس الاصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي وان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مدرك لأهمية إصلاح هذا القطاع، وكذلك وزير الطاقة وليد فياض يعلم وهو يسابق الوقت مع الحكومة ويقوم بجولات الى مصر، التي رشحت عنها نتائج جيدة لزيادة كمّيات الغاز الى لبنان، والاردن. نعم هناك جهد يبذل لكن كل ذلك يتطلب وقتا ولن تأتي الحلول بين ليلة وضحاها، فهل سيستمر مد اليد الى أموال المودعين لتبديد ما تبقى منها، هل هو أمر مقبول؟ اليس الاجدى بالحكومة البحث عن موارد خارجيّة وعد بها المجتمع الدولي؟ وكم سيستغرق من الوقت إنجاز حلّ لمعضلة الكهرباء ليرتاح الجميع؟.
مصدر نيابي رأى في جهود وزير الطاقة حلولا موقتة آنية لا تفي بالغرض لأنّ المطلوب الحل الجذري والنهائي لملف الكهرباء، وهو يتمثل بتنفيذ القانون 462/2002 والبدء بالإصلاحات، التحضير لخطة التعافي الاقتصادي وان تحظى بموافقة صندوق النقد الدولي.
وردا على سؤال كم سيستغرق الحلّ النهائي والى متى سيستمر المسّ بأموال المودعين؟ قال المصدر ان لا خيار آخر حين يكون التهديد اما أعطاء سلفة خزينة او العتمة الشاملة في لبنان.
من جهته النائب محمد الحجار قال ان العالم مستعد لمساعدتنا في اصلاح الكهرباء، مشيرا الى ان شركتي “جنريك الكتريك” و”سيمنس” حيث ابدتا امامنا في مجلس النواب العام الماضي الجهوزيّة للإستثمارعبر تركيب معامل تعمل على الغاز مع تأمين الوقود لها على ان تدفع لهم الدولة على الكيلواط ساعة قرابة 7 سنتات، لكن شرطهم كان ان نبدأ بالاصلاحات للاسف لا احد يثق بالدولة اليوم بعد كل ما وصلنا اليه.
اما الشق القانوني فأوضحه المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوستيسيا ، معتبرا “ان أي مساس إضافي بأموال المودعين مخالف للمادة ١٥ من الدستور التي “تقدّس” الملكيّة الخاصة، وكذلك القوانين لاسيما منها الموجبات والعقود والتجارة” لافتا الى أن التصرف المذكور هو من باب إساءة الأمانة و قابل للطعن به، كما أنه يرتقي إلى حدّ الجريمة التي يتوجب محاسبة المسؤولين عن ارتكابها. مشيرا الى أن تفعيل مصرف لبنان لنصوص قانون النقد والتسليف المانعة للمسّ بالاحتياطي المتبقّي يأتي في إطاراستدراك أيّ مسؤولية، ولضرورة لفت نظر السلطة إلى مخاطر التمويل والاقتراض الذي ذهبت إليه.
والغريب هو تحميل جزء من الشعب (المودعون) الذين جنوا أموالا مشروعة، إخفاقات مسؤولين أثروا إثراء غير مشروع على حساب اللبنانيين وتحميلهم حاجات جميع الناس من العموم. لماذا؟.
ولفت د.مرقص ان المسار القضائي الذي سلكه البعض منهم بوجه المصارف قد لاقى تجاوبا خجولا من قبل قضاة العجلة، وكذلك من قبل محاكم الاستئناف لصالح المصارف، وإن قرارا استئنافيا جريئا صدر منذ فترة لصالح المودع ألزم المصرف بتحويل الوديعة بكاملها الى الخارج، لكن قبل ان نقول انه اجتهاد قضائي ثابت قد أرسي، علينا انتظار ما يؤول اليه هذا القرار الاستئنافي في غضون الفترة المقبلة لإعطاء اجابة نهائية على ثبات التوجه القضائي لاسيما أن تكراره قد يؤدي إلى إفلاس فعلي للمصارف بسبب نقص السيولة بالدولار.
المصدر: النشرة