بالتوازي مع وضع ملف التفاوض اللبناني مع صندوق النقد على سكة التواصل المباشر، على أن يزور وفد من الصندوق بيروت في النصف الثاني من تشرين الأول الجاري لتحديد أسس عملية المفاوضات ورسم معالم خطة التعافي المنشودة وبرامجها الملائمة للحالة اللبنانية، انطلقت على سكة أخرى عجلة التفاوض العملي حول سبل استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان وسط بروز عقبات سورية من شأنها أن تعيق تسريع وتيرة العملية، ريثما تنتهي السلطات السورية من تجهيز البنى التحتية اللازمة لشبكة خطوط الربط والنقل على أراضيها، وهو ما سيستغرق أقله 3 أشهر بحسب تقديرات المسؤولين السوريين.
وإذا كان وزير الطاقة وليد فياض شارك إلى يمين وزير الكهرباء السوري غسان الزامل في اجتماعات الأردن تاركاً وراءه “طوابير” مؤلّلة أمام محطات الوقود تنتظر توقيعه جدول أسعار المحروقات الأسبوعي، بدا واضحاً من سياق تصريحات متقاطعة على خط دمشق – بيروت أنّ هناك دفعاً متعمداً لاستثمار حاجة لبنان الكهربائية و”تقريشها” في حساب إعادة تطبيع العلاقات الحكومية والرسمية بين البلدين، بقوة دفع مباشرة من “حزب الله” الذي وجّه بالأمس رسالة “مشفّرة” إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من دون أن يسميه يطالبه فيها بإعادة إحياء “العلاقات المميزة” مع سوريا، وفق ما جاء على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم متوجهاً إلى “المسؤول الذي يقول إذا فعلنا ذلك تغضب أميركا” (في إشارة إلى كلام ميقاتي الأخير حول العلاقة مع سوريا والخشية من عقوبات قيصر) بالقول: “خائف أن تتكلم كلمة يمكن أن تغضبها، يا أخي قف وتأكد أنك إذا صرخت بصوت عالٍ ستستجيب أميركا غصباً عنها”.
قاسم الذي بدا في خطابه أمس كمن يدعو رئيس الحكومة إلى اللحاق بركب محور المقاومة “المنتصر”، تساءل بشكل واضح عن السبب الذي يحول دون اتخاذ الحكومة “إجراءات لإعادة العلاقات مع سوريا”، وذهب باتجاه اتهام كل من يعارض ذلك بأنه “يخالف الدستور الذي ينصّ على تمييز العلاقات بين البلدين”، مشدداً في الوقت عينه على أنّ “حزب الله” يعتبر تشكيل الحكومة الحالية بمثابة “ربح للمقاومة”، ونوّه في هذا المجال بـ”كسر الحصار الأميركي بشكل صارخ جداً” من خلال إدخال صهاريج المازوت “الوطني” الإيراني إلى لبنان.
وعلى وقع “أهازيج الصهاريج” الإيرانية، يبدأ وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان اليوم محادثات رسمية في بيروت مع الرؤساء الثلاثة والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، على أن يختتم جولته بمؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية قبل التوجه إلى دمشق.
وعشية الزيارة، برزت وقفة احتجاجية أمام “الخارجية” إثر مسيرة شعبية انطلقت من ساحة ساسين بدعوة من “مجموعات سيادية” رفضاً “للاحتلال الإيراني”، عبّر خلالها المتظاهرون عن رفضهم زيارة عبداللهيان إلى لبنان، معتبرين أنها “لا تأتي في السياق الديبلوماسي الطبيعي بين الدول بل هي بمثابة تمثيل لاحتلال نرفضه” وفق تعبير رئيس “حركة التغيير” المحامي إيلي محفوض، وطالب المحتجون على الزيارة في المقابل بتطبيق “القرار 1559 والقرارات الدولية الأخرى ونزع السلاح غير الشرعي”، منددين في الوقت عينه بـ”سلطة الخضوع” لمشروع تحويل الجمهورية اللبنانية إلى “دولة امتداد للنظام الإيراني”.
أما في جديد الملف الانتخابي، فتنطلق اليوم الجولة الأولى من “الكباش” النيابي حول قانون الانتخاب وتعديلاته وسط افتعال اجتهادات قانونية تهدف إلى تطيير حق المغتربين بالاقتراع وتطويق مفاعيل استحداث 6 مقاعد “قارية” إضافية في المجلس لتمثيلهم. وسيعرض على طاولة اللجان النيابية المشتركة اليوم 7 اقتراحات قوانين للنقاش حول مصير القانون الانتخابي، على أن يكون الطبق الساخن على الطاولة بلا منازع “الشق الاغترابي” من القانون، وسط تباين واضح في التوجهات والآراء، بين مطالب بتعليق اقتراع المغتربين في الدورة المقبلة بحجة “عدم تكافؤ الفرص” نظراً لوجود عقوبات على “حزب الله” في مختلف دول العالم وبالتالي يتعذر على الناخبين التصويت لصالحه أو لصالح حلفائه، وبين متمسك باستحداث المقاعد الستة الجديدة في القارات وتوزيعها على الطوائف الرئيسية الست كما هو منصوص عليه في القانون الساري، وبين طرح آخر يدفع باتجاه الاكتفاء بمشاركة المغتربين في العملية الانتخابية من دون أية مقاعد إضافية لهم، كما كان قد حصل في دورة العام 2018.