قفزت أسعار الخضار والفواكه في صيدا بشكل جنوني، ولم تُجدِ وعود حكومة “معاً للانقاذ” في إنقاذ المواطنين من الغلاء، والذريعة ارتفاع سعر صفيحتي المازوت والبنزين وأجرة نقل البضائع من التجار الى الاسواق حيناً وتقلبات سعر صرف الدولار الاميركي صعوداً احياناً بعدما سقطت معادلة العرض والطلب المعمول بها سابقاً، فيما كانت تتردد اصداء الصرخات المدوية من رسوم الاشتراك بالمولدات والمواد الاستهلاكية كافةً وصولاً الى اللحوم والدجاج.
داخل سوق صيدا الشعبي الذي يُعدّ الأرخص وتتموضع فيه عشرات عربات الخضار والفواكه، يتأفف حسن النقيب من الاسعار، ويقول لـ”نداء الوطن”: “لقد شكلت صدمة كبرى، في الاسبوع الماضي حضرت وكانت ارخص من اليوم، بدل المزيد من انخفاضها ارتفعت، كلّ يلقي اللوم على الآخر، فيما المواطن يدفع الثمن، فكيلو البطاطا بات بـ 10 آلاف ليرة لبنانية، بعدما كان الكيس كله بالسعر ذاته تقريباً وكرتونة البيض بنحو 73 الف ليرة”.
اللافت وسط الضجيج، ان الشكاوى تأتي بالجملة هذه المرة من الباعة والاهالي معاً، يوضح اصحاب البسطات ان عدد الزبائن تراجع كثيراً عن الاول لشراء لزوم حاجاتهم اليومية، معظمهم اعتمد على التقشف القسري، واصبح المجيء الى السوق مرة واحدة في الاسبوع بدلاً من مرتين، وعوض شراء كميات كثيرة ومتنوعة بات الامر يقتصر على اصناف محددة وبكميات قليلة جداً، ولولا الحياء لطبقّوا المثل الشعبي “شم ولا تذوق” بعد شرائهم الفواكه بالحبة، بسبب تدني القدرة الشرائية او لتقنين التيار الكهربائي بعدما فكّت الطبقات الشعبية والمتعففة الاشتراك”.
ويقول البائع محمد حنينة لـ”نداء الوطن” ان السوق “مقصد العائلات المستورة التي كانت سابقاً تعتبر من الطبقة الشعبية او المتوسطة والعدد تراجع كثيراً بسبب الفقر المدقع وارتفاع الاسعار ارتباطاً بالدولار والنقل”، موضحاً ان “الشرحة (الصندوق) باتت بـ 12 الفاً، بعدما كانت بألف ليرة فقط، وربطة الاكياس النايلون زنة 900 غرام اصبحت بـ 24 الفاً بعدما كانت بـ 5 آلاف، وأجرة نقل البطاطا من البقاع الى صيدا بمليونين وكانت بـ 200 الف ليرة لبنانية، فأكل الفقير بات مهدّداً”.
في السوق ملّ الباعة سؤال الناس المتكرر عن الاسعار وجدالهم العقيم حول الغلاء وشرحهم الاسباب، كتب غالبيتهم على بضاعتهم الاسعار بخط بارز وكل يوم بيومه، كيلو الخيار بـ 10 آلاف، والبندورة مثله قبل ايام وصل الى 12 الفاً، البصل بـ 5 آلاف، والثوم بـ 30 الفاً، الكوسا 10 آلاف، اللوبية 16 الفاً، الجزر 13 الفاً، الزهرة 10 آلاف، الملفوف 7 آلاف قبل ايام وصل الى 10 آلاف وهذه اطعمة الفقراء، لم يعودوا قادرين على شرائها.
ويرى ابو محمود صفدية ان “الاسعار باتت غالية جداً خلافاً للسنوات الماضية، حيث كانت اسعار السلع تخضع لمعادلة العرض والطلب، ترتفع وتنخفض وفقها، اما اليوم فكل شيء غال وصعوداً من دون أي رادع، لم يتركوا للفقراء شيئاً، صادروا اموالهم وحرموهم من النور واليوم جاء دور الاكل، حتى المنقوشة والفول والحمص حلّقت عالياً”.
وخارج السوق، وعلى مد النظر، تستريح الفواكه اللذيذة والمغذية معاً، انه موسم الافوكا والقشطة والمانغا، ولا احد يستطيع الاقتراب منها، اقل كيلو بـ 40 الف ليرة لبنانية وما فوق. يقول مازن “انظروا الى اين وصلنا في خضم الازمة المعيشية ولم تبلغ ذروتها بعد، الناس تحسب الف حساب عندما تشتري الخسة وتضرب أخماساً بأسداس لمثل هذه الفواكه، حيث كانت كلفتها في الاعوام الماضية ما بين 10 آلاف الى 15 ألف ليرة، باتت حلماً وشطبت كغيرها من الجدول، الهدف تأمين طبخة تسدّ رمق العائلات من الجوع”.