ملعب غولف يحمل في طياته عراقة التاريخ، حيث استطاع أن يتحدى ظروف الحرب في لبنان، ليقف صامدًا وحيدًا بين 3 ملاعب أخرى، كان مصيرها النهاية.
وأوضح كريم سليم سلام، وهو رئيس نادي غولف لبنان منذ شهر نيسان عام 2019، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، أنه كانت هناك 4 ملاعب غولف في لبنان قبل الحرب الأهلية، أحدها في بيروت حيث يتواجد المطار حاليًا، بينما يتواجد اثنان آخران في جهة الجنوب وواحد في الشمال.
وعندما قرّرت الحكومة بناء مطار جديد، على حد قوله، وجدت أن موقع نادي بيروت للغولف سيكون مناسبًا، لأنه عبارة عن أرض منبسطة.
وكان والد كريم عضوًا في نادي بيروت للغولف. وبالطبع، اختلفت الآراء حول المواقع التي يجب نقل نادي الغولف إليها، سواء إلى الجبال أو جهة الجنوب أو الشمال
وذكر سلام أن والده كان موظفًا في طيران الشرق الأوسط، وأراد أن تحتضن العاصمة اللبنانية، بيروت، ملعبًا خاصًا بها للغولف.
وأوضح سلام أنه إلى جانب المطار، كانت هناك منطقة رملية مهجورة ومملوكة من قبل الدولة، موضحًا أنه تم الاتفاق مع الحكومة على استغلال هذه المساحة الرملية منعًا لتدهور الأرض.
وأشار سلام إلى أنه كان من المقرّر أن تُزرع الأرض حينها على حساب نادي الغولف، مقابل استلام عقد إيجار من الدولة، بسعر رمزي على مدى 25 عامًا.
ووقعّ الطرفان على العقد في عام 1963، واستغرق 4 سنوات حتى يتم افتتاحه رسميًا في عام 1967، وأصبح يُعرف بنادي غولف لبنان.
وذكر سلام أن ملعب الغولف كان يتألف من 9 حفر، حتى عام 1982، أي بعد الغزو الإسرائيلي، حيث تم هدم وتدمير ملعب الغولف بالكامل.
ونتيجة الضرر الذي سببه الغزو الإسرائيلي، انجرفت المنطقة التي تحيط بملعب الغولف كاملًا، ما دفع مالكيها إلى بيعها، بحسب ما لفت إليه سلام.
وأوضح سلام أن الأمر كان بمثابة فرصة حتى يشتري والده والأعضاء أسهمًا في تلك الأرض، لتزيد مساحة ملعب الغولف من 9 حفر إلى 18 حفرة.
واستغرقت عملية التوسيع وإعادة بناء ملعب الغولف سنتين، حيث افتُتح في عام 1984.
وبعد الحرب الأهلية، كان هذا النادي هو الوحيد في البلاد، ما يفسر سبب وصفه بـ”منزل الغولف”، لأنه ظل صامدًا من بين 4 ملاعب للغولف.
ولا يقتصر هذا النادي على الغولف فحسب، وإنما يحتضن أيضًا 7 ملاعب تنس، ويستضيف العديد من البطولات الكبرى، سواء كانت محلية أو دولية، كما يقدم أيضًا العديد من الأنشطة الأخرى.
وكانت البطولة الأولى التي استضافها ملعب الغولف هي البطولة العربية عام 1975، ثم تبعتها عدة بطولات أخرى.
وعلى سبيل المثال، قام ملعب الغولف بدعوة الأوروبيين، حتى تلعب أوروبا ضد الشرق الأوسط.
وأوضح سلام: “كانت المنافسة بدافع ترفيهي، وليس على مستوى احترافي، كما تشاهد على التلفاز”.
ونظرًا إلى أن هذا الملعب هو الوحيد في البلاد، يعتبر سلام أن النادي يجب أن يُستخدم كمنصة للحديث عن لبنان كوجهة سياحية، فهناك مسؤولية وطنية يحملها على عاتقه.
ويُستخدم نادي الغولف كموقع للدراسة البيئية لجميع الطلاب والمنظمات غير الحكومية التي تهتم بالبيئة، نظرًا إلى أنه يحتضن إحدى المساحات الخضراء القليلة في بيروت.
ويمثل نادي الغولف في لبنان والجامعة الأمريكية ببيروت نسبة 94٪ من المساحات الخضراء في بيروت الكبرى، على حد قول سلام.
ورغم أن ملعب الغولف صغير مقارنة بملاعب الغولف الأخرى، إلا أنه يتمتع بسحر فريد بسبب طابعه الكلاسيكي.
وبينما تتشابه غالبية نوادي الغولف الحديثة في العالم، يعتبر سلام أن نادي الغولف في لبنان قد حافظ على سحره.
ومن بين التحديات التي يواجها نادي الغولف حاليًا هو عدم التواصل بشكل كافٍ مع عامة الناس.
وأوضح سلام أنه أجرى استبيانًا في إحدى المرات، ولاحظ أن 97% من الناس لا يعرفون بوجود نادي غولف في لبنان.
ويتحدث سلام عن وجود جدل كبير حول سبب حاجة الناس والبلاد إلى نادٍ للغولف، إذ باعتقادهم أنه مخصص لفئة معينة من المجتمع، بينما يستطيع الجميع أن يشارك في هذه الرياضة.
وبهدف توعوي، يزور نادي الغولف طلاب المدارس، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، من أجل الترويج لهذه الرياضة في المنطقة.
وأوضح سلام أن موظفيهم هم من الجيلين الثاني والثالث، ما يعكس حرفيًا أن هذا النادي في لبنان هو بمثابة موطن الغولف.