عجز المنظومة الواضح عن إحداث فجوة في جدار تأمين موارد البطاقة التمويلية، سيدفعها في الأيام القليلة المقبلة بحسب المعلومات إلى “دراسة قانون زيادة الرواتب، وبدل النقل في القطاع العام وإحالته الى البرلمان للتصويت عليه”. ومن المتوقع بحسب مصادر متابعة أن “يصوت النواب على مشروع القانون بالأغلبية المطلقة، ولو كان بعضهم يتوجّس من نتائجه الكارثية. فالانتخابات على الأبواب. والمشرعون أمام استحقاق صعب ونقمة متصاعدة، وكل صوت “يرشونه” في معقل التوظيف السياسي والطائفي والمحاصصاتي، يصب في مصلحة تجديد منظومتهم.
صحيح ذاكرة اللبنانيين قصيرة، إنما ليست معدومة. والرجوع 5 سنوات فقط إلى الوراء، يظهر أن سلسلة الرتب والرواتب أقرّت في 18 تموز 2017، فيما كانت الانتخابات النيابية ستجرى في أيار 2018. وإذا كان “التاريخ يعيد نفسه مرتين”، على حد قول كارل ماركس، “مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة”، فإن ما ينتظر اللبنانيين في حال صدقت التوقعات بزيادات غير مدروسة على الأجور سيحوّل الليرة إلى “مهزلة” بكل ما للكلمة من معنى. ففي ظل عدم وجود مصادر للإيرادات، ستمول الزيادة بالتضخم من جيوب اللبنانيين، وسيدفع المواطنون والموظفون على حد سواء أضعافاً مضاعفة مما دفعوه من قدرتهم الشرائية بعد إقرار السلسلة من دون إصلاحات. وكي لا تفهم المقاربة بشكل خاطئ، فإن تصحيح الأجور لموظفي القطاعين العام والخاص أكثر من ضرورة، ولكن بعد البدء بالإصلاحات وليس قبلها.