كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
بدأ الغضب يتنامى لدى مختلف فئات المجتمع اللبناني، ومن ثم يرافقه شعوراً باليأس والقرار بالرحيل، فهو الحل الوحيد سواء بالطريقة الشرعية أو عبر قوارب الموت.
لعل اللبناني منذ سنوات يسعى للخروج من الحجيم المسمى “لبنان”، فحتى قبل الأزمة الاقتصادية كان اليأس والبطالة وفقدان الأمل تسيطر على الشباب، خاصة وأن طموحاتهم كبيرة، وما يقدم لهم سوى هنا لا يتساوى وطموحاتهم، لذا الرحيل وترك هذه البلاد هو الوجهة الأمثل.
أما اليوم فالتعلق بأي أمل للهجرة هو ما يحاول الشباب القيام به، بعد أن فقدوا الأمل من دولة لا تراعي الحد الأدنى للإنسانية، وكل ما تؤمنه هو اليأس والجوع والفقر والعوز… واتجه الشباب الذي اضطر للبقاء في هذه الدولة إما إلى “القهاوي” أو إلى المخدرات والسرقة من أجل تقبّل الواقع المرير المفروض عليهم.
وبالنسبة للآخرين، فكانت وجهتهم عبر قوارب الهروب بالطرق غير الشرعية وتعريض حياتهم للخطر، إلا أنها طريقة أفضل من البقاء والبكاء على أطلال زهرة الشباب التي تضيع يومياً أمام أعينهم.
صحيح أن الهجرة هي سمة المجتمع اللبناني، منذ قدم التاريخ، وهو ما انعكس على ديموغرافيته، إلا أن الهجرة مؤخراً لم يسبق لها مثال من قبل، وهي تهدد ما تبقى من أبنائه، خاصة أنها تحتوي على هجرة الأدمغة والكفاءات التي لا يمكن تعويضها، وبالتالي فإن مختلف القطاعات باتت مهددة بإستلامها من قبل أشخاص ذوو كفاءة متدنية.
هذا وأشارت الأرقام أنه بسبب الإقبال الكثيف على السفارات، باتت بعض المواعيد تؤجل إلى عام 2022، ناهيك عن طوابير الذل الطويلة التي امتدت على كيلومترات طويلة من مراكز الحصول على جوازات السفر إلى أماكن تخليص المعاملات والأوراق، وصولاً للمطار الذي يغص يومياً بأبنائه المغادرين من دون أدنى نيّة للعودة.
قريباً سيصار إلى إفراغ لبنان من أبنائه، وسيبقى الـــ10452كم2 حكراً للمهاجرين والأجانب، فيكفي ما انتاب الأبناء من ذلّ طيلة العامين السابقين والعجز عن تأمين الدواء وحتى وقود السيارات وصعوبة تأمين الاحتياجات اليومية وانخفاض قيمة الرواتب والأجور…
لا يهم الطريقة التي سيلجأ إليها اللبناني من أجل الخروج من جحيم هذا الوطن، وتحديداً أبنائه المتعلمين الذين لم يجدوا فرصة للإلتفاف على كفاءاتهم وكأن سنوات التعليم ذهبت سدى.
إذن الطريق غير الشرعي عبر قوارب الموت، أو الانتظار والذل أمام السفارات غير مهم، ولا يهم الراتب ولا حتى تحديد الوجة، إنما الأهم هو الخروج من دولة سكبت اليأس والأنين في نفوس شباب ذنبهم أنهم ولدوا في دولة تغتال الطموح والآمال.