من المسلّم به أن رواتب القطاع العام وأجور أغلبية القطاع الخاص لم تعد تكفي للوصول إلى العمل وتسديد فاتورة اشتراك مولد الكهرباء الخاص. إلا أن السؤال: هل رفعها اليوم كما يطالب الموظفون وروابطهم، والعمال واتحاداتهم إلى 7 ملايين ليرة هو الحل؟ “الأكيد لا”، تجيب مصادر متابعة للملف. “ليس لأنهم لا يستأهلون، بل لأن أي رفع للأجور من دون ارتفاع معدل النمو وزيادة الانتاج واستئصال الهدر والفساد من القطاع العام ستكون نتائجه سلبية على العمال، حيث ستمول الزيادات في القطاع العام من طباعة الأموال بعد تحقيق الايرادات تراجعات هائلة، وستقفل المؤسسات غير القادرة على الزيادة في القطاع الخاص. وفي الحالتين ستكون النتيجة المزيد من التضخم وانهيار القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة”.
وبحسب المصدر فان المطلوب أولاً زيادة الإنتاج ليوزع من الفائض منه زيادة في الأجور، والمزيد من التقديمات لشبكة الحماية الإجتماعية. فمع تراجع الناتج المحلي الإجمالي من حدود 56 مليار دولار إلى أقل من 18 ملياراً بحسب أرقام البنك الدولي، فان لبنان يعاني من انحسار في النمو بنسبة 17 في المئة. أما في القطاع العام فان بند الرواتب والأجور كما هو اليوم يمتص أكثر من 90 في المئة من مجمل الإيرادات. ففي الوقت الذي يبلغ فيه الإنفاق على الرواتب والأجور حوالى 12 ألف مليار ليرة، فان مجمل الإيرادات المحققة في العام 2020 بلغت حوالى 13 ألفاً و685 مليار ليرة. ومع استحالة زيادة الضرائب في هذا الوضع الانكماشي، لا يبقى من حل إلا طباعة النقود لزيادة الأجور.
هذه الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاقتصاد لن تنكسر إلا بوجود “بنية سياسية حقيقية للاصلاح، تحديد الكلفة الحقيقية للخدمات، إصلاح الكهرباء وعدم بناء مؤشر الاسعار على أمور آنية شاذة، يجب ألا تستمر”، بحسب الخبير في شؤون الدراسات الإحصائية والاقتصادية د. بشارة حنا. ومن وجهة نظره فان “زيادة الرواتب في القطاع العام بنسبة 30 في المئة لغاية نهاية العام، ورفعها قطاعياً في الخاص بحسب تعافي وقدرة كل قطاع بقطاعه، تحقق انتعاشاً اقتصادياً وتزيد من ايرادات الدولة بنسبة 5 إلى 6 في المئة”.
المصدر : نداء الوطن