كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
فيما مضى، كان الحيوان يشكل مصدراً للخوف على الإنسان، إذ كان الأخير يفتقد لطرق الدفع عن نفسه من المخاطر التي قد تهدده بها الوحوش والحيوانات المفترسة. أما اليوم فقد اتخذ الموضوع منحى آخر، إذ تغيّرت المعالم، وبات الانسان بحد ذاته مصدراً يهدد الحيوانات.
لكن لِما كل هذه الوحشية والقسوة التي تتغلغل داخل بعض البشر ضد الحيوان؟
يفتقر مجتمعنا لثقافة “الرفق بالحيوان”، لا بل يعتبرها “حكي فاضي”، وعادة ما يُدرج الموضوع في جو فكاهي، وكأن الأمر يدعو للسخرية والضحك. أما جمعيات الرفق بالحيوان فينظر البعض إليها بطريقة هزلية وبسخرية، كما يعتبرونها مضيعة للوقت على أساس أن البشر أولى بالاهتمام.
لكن لحظة! ألا يملك هذا الحيوان روحاً؟ ألا يشعر بالألم والتعذيب الذي يسببه له الإنسان؟ حتى يمكن القول أن الحيوانات الأليفة تعاني من الألم النفسي!
أما الأفظع من كل ما سبق هو انتشار ثقافة تعذيب الحيوانات بطريقة علنية، وذلك من خلال توثيقها بالصوت والصورة وكأنه تحدٍ للجميع أو على اعتبار أنه “challenge” وبدون أدنى احساس بتأنيب الضمير. ولعل هذا الموضوع له أبعاداً تتخطى قيام شخص ما بتعذيب حيوان بريء، فهو يشير إلى أن البشر فقدوا إنسانيتهم تماماً وتجردوا منها.
فتعذيب الحيوان هو مقدمة شديدة الخطورة لما سيأتي بعدها، إذ من سوّلت له نفسه بالاعتداء على حيوان، وخاصة الأليف منها، سيقوم عند الكبر بالاعتداء على من هم أضعف منه كالأطفال والنساء وكبار السن… لأنه شخصاً اعتاد العنف والقسوة على ضحايا عاجزة للدفاع عن نفسها.
وفي علم النفس يسمى هذا الشخص بـــ”السادي”، وهو ذات شخصية مضطربة سلوكياً تتميز بالقسوة والنزعة العدوانية العنيفة، ويستمتع بإهانة الآخرين وتعريضهم للألم والمعاناة، بهدف السيطرة والشعور بالقوة، بالإضافة إلى حب الهيمنة المفرطة، إذ يسعى السادي لجلب الانتباه والمبالغة في التعبير عن العواطف، كما يحاول إثبات المجازفة والاثارة، ويتمتع بهوس العنف والسلاح لأنه يعتقد أن القوة والسلطة أهم شيء في الحياة.
كثيرة هي المجازر التي تجري في المناطق اللبنانية اليوم بحق الحيوانات الأليفة، دون الاكتراث لمشاعر أصحابها، ودون وجود رادعاً وخوفاً من العقاب الذي يفرضه قانون حماية الحيوانات، وآخر هذه المجازر وقعت منذ أيام في منطقة أميون شمال لبنان، دون تغطية اعلامية ودون الالتفاف على الموضوع وأهميته، وكأن الحيوان هو سبب المأساة التي أوصلت للإنهيار الاقتصادي أو إلى مصائب الشعب.
وفي ظل انتشار هذه المجازر في مجتمعنا، علينا الحث على التوعية أولاً، ومن ثم اللجوء إلى العلاج النفسي. فالمعذِّب ليس سوى مريض، والموضوع خرج عن السيطرة.
فهل لنا القدرة على تحمل المزيد من الجرائم والعنف والقتل؟