يُصارع الشعب اللبناني من أجل الصمود وسط “عواصف هوجاء” من الأزمات المتتالية التي لم ترحم لا إقتصاده ولاصحته ولا سُبل عيشه الكريم.
وما إنْ هدأت العاصفة قليلاً مع تشكيل الحكومة فإن المسؤولين في لبنان “لم يعتبروا” ممّا حصل وما وصل إليه البلد وها هُم اليوم يتقاتلون على مكوّنات الوفد المفاوض إلى صندوق النقد الدولي.
ولكن قبل التشكيل وقبل الذهاب إلى ما يعتبرونه في قاموسهم “منجم ذهب” يجب الإطلاع جيداً على شروط المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، ربما عندها يُغيرون من طريقة إدارتهم لشؤون الدولة.
وأبرز أولويات أو شروط الصندوق ستكون بلا شك وفق النقاط التالية:
-تطبيق القانون 462 الذي أُقرّ منذ 19 عاماً وبقي حبراً على ورق والذي يهدف الى اصلاحات جذرية في قطاع الكهرباء ووقف مزراب الهدر الرئيسي في مالية الدولة ولكن أطرافاً سياسية عطلت تطبيقه لسنوات، وقد حاول النائب جبران باسيل من خلال إقتراح قانون تطيير هذا القانون رغم معرفته أنه سيكون مادة خلاف مع الطرف الفرنسي او صندوق النقد.
وأكّدت مصادر دبلوماسية إنّ عدم السير بالقانون 462 كفيل بتطيير المفاوضات وتوقف المساعدات من مؤتمر سيدر وبالتالي حرمان لبنان من اي مساعدات محتملة.
وترى المصادر أنّ “من شان إلتزام لبنان بتطبيق القانون يعني سد فجوة كبيرة ووقف مزاريب الهدر التي تستنزف الخزينة منذ سنوات طويلة وبات ضروريا إقفالها لأنها ستسبب بمزيد من الخسارات، وحيث تشترط الدول حلّ هذه المسألة قبل الإفراج عن المساعدات.
النقطة الثانية التي من المؤكد سيطلبها صندوق النقد إعادة هيكلة المصارف بما يتناسب مع الودائع المتبقية التي تقلصت إلى 7 مليار دولار وكذلك بما يتناسب مع إمكانات وحاجات المجتمع والاقتصاد اللبناني.
الانطلاق الحتمي للتدقيق الجنائي بعد أن وصلت الفجوة إلى ما يفوق الـ58 مليار دولار، وطبعاً مع سياسة إصلاحية مؤكدة لسياسات مصرف لبنان.
إعادة هيكلة كاملة وشاملة للقطاع العام، لا سيما ان رواتب هذا القطاع ترهق الخزينة الى حد غير مقبول مع وجود ما يقارب 30 الف وظيفة من خارج الملاك الوظيفي وتقع في “باب التنفيات”السياسية، حيث شكل التوظيف السياسي تضخماً غير مسبوق في الادارات العامة ولم يتم لجمه حتى الآن.
إقرار موازنة اصلاحية للعام 2022 عنوانها الرئيسي “شطب كل أبواب الهدر”وإعادة التوازن ما بين الايرادات والنفقات لتكون النتيجة “صفر عجز”، وهنا لا يمكن المراهنة كثيراً على الرقم صفر لكن المحاولة مطلوبة من أجل الخروج من القعر الاقتصادي الذي وصل إليه البلد وتوفير المناخات المناسبة لوصول المساعدات وتهيئة الفرصة لعودة الاستثمارات إلى البلد.
وفي حال إستطاعت الحكومة الميقاتية خرق جدار العرقلة والتوجه نحو الإصلاحات المطلوبة وفي مقدمها ملف الكهرباء والتصدي فيه لكل أنواع الهدر من أي جهة أتت، فإنّ المصادر الدبلوماسية المُطلعة على هذا الملف تتوقع أن يصل لبنان الدفعة الأولى من المساعدات وهي وفق المصادر تتراوح بين 3 إلى 4 مليار دولار.
إلّا أن ما يقوله أحد الدبلوماسيين في إجتماعات باريس “التعطيل الذي يمارسوه فاق كل التوقعات والحدود”، يجعل التفاؤل محفوفاً بخطر الإحباط.
“ليبانون ديبايت” – المحرر السياسي