«انطلاقة سلسة». هو التوصيف للانطباع الذي خرج به الوزراء من أول جلسة للحكومة يومَ أمس. التناغم بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي بدا ظاهراً، وقد تبيّن بأن الاتفاق السياسي على البنود الأساسية أُنجز قبل الجلسة.
الظاهِر الإيجابي الذي طبعَ علاقة رئيسيْ الجمهورية والحكومة ميشال عون ونجيب ميقاتي في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء أمس، لا يكفي وحده للحكم سريعاً على الفترة القصيرة التي ستُشكّل اختباراً للتعايش بينهما، حتى موعِد الانتخابات النيابية في آذار المُقبِل. لكن، «أصحاب المعالي» خرجوا يومَ أمس بانطباع مريح، بعدَ حوالي ساعتين لخصها أكثر من مصدر وزاري بأنها «انطلاقة سلسة وهادئة»، إذا ما استمرت على هذا المنوال، فإن «الأجواء ستكون مسهّلة ولن تؤدّي إلى تعقيدات تؤخر تحقيق عدد من الإنجازات».
ثمّة من رأى في الاجتماع الأول الذي عُقِد برئاسة عون في قصر بعبدا، أن الإشارات عكست «تفاهماً بين الرئيسين على السياسات العامة»، وهو ما اعتُبرَ مشجعاً للوزراء الذين يُعَد أكثرهم «نظريين»، واقتيدَ معظمهم لإدارة أكثر المراحل خطورة في تاريخ لبنان الحديث، على كلّ الصعد. وزراء بـ «أجندات» مختلفة، وانتماءات متعدّدة، لم تستطِع المواقف التي كوّنوها من أول جلسة، على الرغم من «حيويتها» إخفاء علامات القلق من «كرة النار» التي ألقيت بينَ أيديهم. ففوق الطاولة التي التقوا حولها، لم تكُن بينَ أيديهم أوراق تضمنت مشاريع اشتباك سياسي، بل بعض البنود «المتواضعة» جرى تمريرها على عجل. حتى في ما يتعلّق بالنقطتين الأساسيتين المتمثلتين بـ «تضمين لجنة إعداد التفاوض مع صندوق النقد الدولي كلاً من المستشارين شربل قرداحي ورفيق حدّاد، وإعطاء مصرف لبنان سلفة بقيمة 100 مليون دولار لصالح وزارة الطاقة» مرّا بليونة، إذ كانَ واضحاً بأن «الاتفاق السياسي» عليهما سبق الجلسة.
بشكل عام، تقاطعت آراء أكثر من مصدر وزاري، على أن «مناقشة بنود جدول الأعمال طغى عليها الهدوء»، وقد جاءت «بعدَ استعراض الأوضاع الصعبة في البلاد».
في مستهل الجلسة، تمنّى عون أن تحظى الحكومة بثقة المواطنين والمجتمع الدولي، بينما أعلن ميقاتي أن «اللقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون كان جيداً جداً». وكانَ واضحاً بحسب مصادر وزارية أن الأخير «لا يريد الاصطدام بعون في أي ملف». قبلَ دخول الوزراء إلى الجلسة، وصل إلى مسامعهم أن «رئيس الحكومة أبلغَ مرجعياتهم السياسية بأنه لا يمانِع طلب رئيس الجمهورية بأن يكون له وللتيار الوطني الحرّ ممثلون في لجنة التفاوض مع صندوق النقد»، وهكذا كان. لم يُسجّل أي صوت وزاري معترض، فخلصت الجلسة إلى حصول كل من قرداحي، وهو مستشار عون للشؤون المالية، وحدّاد المسؤول المالي في التيار الوطني الحرّ على إجماع حول انضمامهما إلى اللجنة التي ضمّت أيضاً كلاً من نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزيري المال يوسف خليل والاقتصاد أمين سلام، وأعطيت مهلة 3 أسابيع لوضع بنود التفاوض مع صندوق النقد.
أما في ما يتعلق بالسلفة، فقد شرح وزير الطاقة وليد فياض عن ساعات التغذية التي يُمكن تأمينها في حال القبول بالسلفة، وعن مدى أهمية الأمر لأن الاعتماد على النفط العراقي وحده لن يكفي حالياً. وجرى تكليف وزير المالية استقراض مبلغ الـ 100 مليون دولار لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لتأمين زيادة عدد ساعات التغذية.
إلى جانب هاتين النقطتين، سُجلت مداخلات لعدد من الوزراء بشأن طلبات متعلقة بوزاراتهم، أو ملاحظات على بعض البنود. فعلى سبيل المثال، تناول وزير العدل هنري خوري مسألة قصور العدل وما تحتاجه من صيانة. كما طالب وزير الأشغال علي حمية بدعم خطة النقل العام. وخلال مناقشة البند السادس المتعلق بـ «إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية»، اقترح بأن يكون «مشروع توفير المياه لأغراض الشرب والري في منطقة الضنية الممول من القرض تحت إشراف وزارة الطاقة لا مجلس الإنماء والإعمار، لأن المشروع ذاته سبقَ وأن صرِف عليه قرض من الصندوق السعودي للتنمية من دون أن يحقق نتائج»، وبناء عليه، تقرر بأن تشرف وزارة الطاقة بالتنسيق مع وزارة البيئة على تنفيذ المشروع، ما اعتبرته مصادر وزارية بأنه «خطوة على طريق استرجاع الوزارات لجزء من صلاحياتها، ومنها الإشراف المباشر على المشاريع التي تعنيها».
كما جرت إعادة تشكيل اللجان الوزارية، ومن بينها لجنة التنمية الريفية، بعدَ أن ذكّر وزير المهجرين عصام شرف الدين بمشروع «تغيير اسم الوزارة إلى وزارة التنمية الريفية» وبوجود دراسة وضعت تشرح الأسباب والأهداف. وبينما توزّعت اللجان على جميع الوزراء، كانَ لافتاً «تأجيل البت بلجنة الإصلاحات المالية» التي أصرّ وزير المهجرين على أن يكون عضواً فيها. كما جرت مناقشة المسألة التربوية على أبواب السنة الدراسية والموافقة على مراسيم وبنود «موروثة» من حكومة الرئيس حسان دياب.
وكان الرئيس عون قد ترأس قبل جلسة مجلس الوزراء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، الذي اتّخذ قراراً بتمديد التعبئة العامة لغاية 31 كانون الأول المقبل. وسبقت الاجتماع خلوة بين الرئيسين عون وميقاتي. وعلمت «الأخبار» أن المجلس الأعلى للدفاع والحكومة لم يناقشا طلب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، منح الإذن بملاحقة اللواء طوني صليبا، الذي أحالته النيابة العامة التمييزية إلى وزير الداخلية والأمانة العامة لمجلس الوزراء.
المصدر : الأخبار