قضي الأمر يا أولياء الأمر وتجمّد مسار التحقيق في ملف جريمة العصر، ربما لأسابيع أو حتى أشهر، بحكم مطرقة القانون الذي لم يحدد فترة زمنية يتوجب خلالها أن يصدر رئيس محكمة الإستئناف المدنية قراره في دعوى ردّ المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ رفضاً أو قبولاً.
المحقق العدلي في ملف المرفأ القاضي طارق البيطار أوقف عمله في الحظة التي تبلّغ فيها طلب الردّ المقدّم بوجهه ليبدأ بعدها مسار التبليغات فتُوزع النسخ على الأفرقاء المعنيين كافة، ومع إتمام كل التبليغات يبقى أمام هؤلاء مهلة ثلاثة أيام لتقديم ملاحظاتهم سلباً أم إيجاباً.
قضي الأمر، وإن موقتاً، فربحت السلطة السياسية جولة لكنها بالتأكيد لم تربح معركة “الحرب القضائية” التي سعت أدوات السلطة عبرها، جهاراً وتكراراً، وعلى مدى 13 شهراً ونيف مُنع قاضيان مشهود لهما بالمناقبية والنزاهة من القيام بعملهما، فتمكّنت من تنحية الأول بضربة الارتياب المشروع لأنه تجرأ على القول إن “لا حصانات تقف في طريقه”، وها هي اليوم تستكمل مهمة منع تنفيذ العدالة من خلال دعوى الردّ ضد القاضي الثاني المعيّن للتحقيق في هذا الملف.فهل من مروحة احتمالات تدفع باتجاه إعادة نبض الحياة الى التحقيق بعد توقّف قسري يبدو أنه مدروس” بالدقيقة والساعة واليوم” الى أن يقضي الله أمراً كان مدوزناً في التاسع عشر من تشرين الأول المقبل، موعد بدء انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب وعودة غطاء الحصانات؟ وهل التبليغ يعني قبول الدعوى؟
في هذا السياق، يشير مصدر حقوقي الى أن المحقق العدلي، أي محقق عدلي في أي جريمة محالة الى المجلس العدلي من قبل مجلس الوزراء، يتبع وظيفياً وهرمياً لهذا المجلس، وليس لأي محاكم أخرى ومن بينها محكمة الإستئناف المدنية، التي من المرجح أن تجيب بانتفاء صلاحيتها للبتّ في طلب دعوى الردّ، وقد تطالب بتعويض مادي للقاضي المطلوب رده، بحسب المادة ١٢٧ من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنص على أن رئيس محكمة الإستئناف “يحكم على مَن يظهره غير محقٍ في طلب الردّ بغرامة مالية أو بالتعويض للقاضي وللخصوم للمتضررين من تأخير المحاكمة“.
المصدر عينه يشير الى سابقة مماثلة في تاريخ القضاء اللبناني لناحية رفض الردّ حدثت في العام ٢٠٠٧ يوم رفضت محكمة الإستئناف في بيروت ردّ طلب المحقق العدلي القاضي الياس عيد في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه “لعدم الإختصاص”، بعد أن كان خمسة من ذوي شهداء جريمة ١٤ شباط قد تقدموا بطلب ردّ القاضي عيد بسبب “مودّة في العلاقة ومحاباة” بينه وبين وكلاء الدفاع عن اللواء جميل السيّد والعميد ريمون عازار، وقد حدث ذلك بعد سنتين من تولي عيد لملف التحقيق.
ولضرورات ” اللبننة” والإرتياب الشديد بما حدث بالأمس، يستذكر المصدر الحقوقي مافيات الإجرام في إيطاليا وحربها الشرسة ضد القاضي الشجاع جيوفاني فالكوني الذي كان يلقّب ب” بعبع المافيا المخيف” والذي كان يردد طوال حياته التي وضعت حداً لها هذه المافيات، إغتيالاً في جزيرة صقلية، ” أنا خادم للدولة في منطقة معادية، والواجب بالنسبة لي هو القانون الأعلى”….”إنه انتصار موقت” عبارة تصلح بأن تكون “وَسم المرحلة”.
المصدر لبنان 24