تنطلق الحكومة في جلستها غداً الأربعاء بجدول أعمال مثقل بالتوقّعات وليس بالوعود، كون الجميع بات يدرك مدى صعوبة المرحلة، واستحالة تحقيق أية إنجازات في المرحلة القصيرة التي تملكها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، من أجل مواجهة الإنهيار المتسارع، وذلك، على الرغم من حجم الدعم الكبير الذي تلقّته هذه الحكومة منذ اللحظة الأولى لولادتها، وقد كان سبق وأن أعلن الرئيس ميقاتي، عن ضمانات خارجية بتقديم دعم لحكومته لمواجهة التحديات الكثيرة والمتنوّعة.
ومن هنا، تقول مصادر نيابية مطّلعة، أن الثقة الخارجية بالحكومة، كان قد عبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أولاً، ومن المتوقّع أن ينسحب هذا الأمر على أطراف أخرى دولية وعربية، في ضوء معلومات عن زيارات محتملة، وفي المدى القريب، لرئيس الحكومة إلى الكويت وإلى مصر، وفي وقت لاحق إلى قطر، تزامناً مع اتصالات يقوم بها مقرّبون من الرئيس ميقاتي مع القيادة السعودية من أجل التواصل والتحضير لزيارة له إلى المملكة في المرحلة المقبلة.
وتعوّل المصادر النيابية نفسها، على الزخم الكبير الذي ستنطلق به الحكومة في عملها، بدءاً من جلسة مجلس الوزراء الأولى يوم غد، حيث سيكون التركيز في الدرجة الأولى على معالجة ملف الطاقة والمحروقات، نظراً لارتباط هذا الملف بمجمل الملفات الحياتية اليومية للبنانيين. ومن هنا، فإن العناوين العريضة التي سيتم العمل عليها على طاولة مجلس الوزراء، وهي كلها واردة في بنود البيان الوزاري، ستشمل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ووضع خطة للكهرباء، ومباشرة الإصلاحات من خلال خارطة طريق شاملة لكل القطاعات التي باتت بحاجة إلى إصلاح لكي تستمرّ في الإنتاجية.
والسؤال المطروح، كما تقول المصادر نفسها، هو مدى قدرة الفريق الوزاري الجديد على التكامل مع خطة الإنقاذ التي أكد على ضرورة تنفيذها الرئيس الفرنسي ماكرون، والتي ستكون السبيل إلى إعادة إحياء برامج الدعم الخارجي، وفي مقدّمها مؤتمر “سيدر” الذي خصّص 11 مليار دولار للبنان قبل ثلاث سنوات، وما زالت هذه الأموال والقروض مجمّدة، بانتظار أن تقتنع الدول والمنظّمات الدولية التي التزمت بتقديم هذه القروض، بجدّية الخطة الإصلاحية للحكومة الميقاتية.
وفي هذا الإطار، فإن أي صيغة سوف تعتمدها الحكومة في سياق مقاربة وتطبيق الإصلاحات، كما تقول المصادر، تبدأ على مستوى القطاع المصرفي والوضع المالي الذي يتطلّب خطوات سريعة قبل موعد عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأن هذه المفاوضات لن تبدأ في وقت قريب، وتتطلّب العديد من الأسابيع والعمل قبل حصول أول جلسة تفاوض. وبالتالي، فإن أولويات العمل الحكومي تتركّز على مسارين، الأول إقتصادي ومالي، والثاني معيشي وخدماتي، ولكن، قبل البدء بهذه العملية، من الضروري أن تنجح هذه الحكومة في اكتساب ثقة اللبنانيين بعد ثقة المجلس النيابي، باعتبار أنه لا يمكن تحقيق أية خطوات عملية تسمح بالخروج من واقع “جهنّم” الذي يعيشه كل اللبنانيين على اختلاف تلاوينهم، إلا في حال تضافرت كل الجهود وتوحّدت من أجل حلّ الأزمة المعيشية بالدرجة الأولى، كمدخل لطرح الحلول الأخرى على صعيد باقي القطاعات التي تتطلّب عملية إعادتها إلى الحياة من جديد أشهراً من العمل.
“ليبانون ديبايت” – فادي عيد