نداء الوطن – آلان سركيس
لا يستطيع تيار “المردة” العيش خارج كنف المنظومة التي حكمت لبنان منذ عام 1990 لذلك يقف دائماً إلى جانبها في اللحظات الصعبة.
عندما أقدم الرئيس سعد الحريري على ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في خريف 2015 لرئاسة الجمهورية، حظي بدعم فوري من الثنائي الرئيس نبيه برّي ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، ما دفع الشريحة الأكبر من المسيحيين وعلى رأسها “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” إلى الإمتعاض والإعتراض.
وسرت في تلك الفترة مخاوف من إستعادة المنظومة الحاكمة أو ما كان يُعرف بالثلاثي الحريري وبري وجنبلاط لدورهم ورمي المكوّن المسيحي خارج اللعبة، في حين أن الحقيقة هي أن الإنسحاب السوري من لبنان عام 2005 أدخل “حزب الله” إلى الحكومة واللعبة السياسية الداخلية كذلك، فإن خروج رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع من السجن وعودة العماد ميشال عون من منفاه الباريس بدّلا الموازين على الساحة المسيحية.
ويُعتبر الرئيس برّي العمود الفقري لنظام ما بعد “الطائف” لذلك فان فرنجية على أتم الوفاق معه، في حين أنّه لا يخرج عن الخط الأكبر الذي يرسمه النظام السوري و”حزب الله”، ويحاول فرنجية التنسيق بين علاقته الجيدة مع النظام السوري وبين مصالحه مع بري على رغم معرفته بعدم الرضى السوري على آداء برّي أو لعبه على حبال التناقضات.
ولا يزال فرنجية يعتبر نفسه الأوفر حظاً للوصول إلى رئاسة الجمهورية، ويظنّ أن المعركة محصورة بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، لذلك يصعّد هجومه أيضاً ضد باسيل على رغم علمه أنّ “حزب الله” يتجنّد لنصرة باسيل في الأقضية المسيحية ويغمره باهتمامه وبالمازوت الإيراني.
وفي السياق، فان فرنجية يتكل في معركته الرئاسية على دعم “حزب الله” على رغم إعتراف “الحزب” أنه لم يحسم اسم مرشحه بعد، لكن يظنّ “قاطن بنشعي” أن “الحزب” سيقف معه لأنه وقف في المرّة السابقة مع العماد ميشال عون، ويتسلّح أيضاً بدعم الحريري، لكن الممرّ الأساس يبقى الإنتخابات النيابية.
وأمام كل هذه التحديات، يحاول فرنجية طرق أبواب الدول المؤثرة، ففي المرّة السابقة لم يؤيده صديقه الشخصي، أي الرئيس بشار الأسد ووقف في صفّ عون ضدّه، لذلك يعمل فرنجية على هذه النقطة.
ومن أجل كسب المعركة، يتحرّك فرنجية في موسكو وقد ارسل نجله النائب طوني مع وفد إلى موسكو لتوطيد العلاقة وكسب رضى الروس، وقد أجرى فرنجية جولة أفق وهو يروّج ان الروس يقفون في صفه.
لكن الحقيقة ان روسيا دولة عظمى ولا تتخذ قرارات سريعة وهي لا تتدخل في التفاصيل اللبنانية، لذلك تعتبر محاولات فرنجية في هذا الوقت غير مجدية ولن توصل إلى مكان. وفي السياق، فاذا كان فرنجية يعتبر أن العقوبات الأميركية قضت على آمال باسيل الرئاسية، إلا ان نيران تلك العقوبات أصابته أيضاً عبر فرضها على الوزير السابق يوسف فنيانوس بالتزامن مع فرضها على النائب علي حسن خليل، من ثمّ فان وقوف فرنجية ضد تحقيق إنفجار المرفأ وتغطية فنيانوس أضرت بصورته وبات مرشحاً مرفوضاً للرئاسة من قبل القواعد الشعبية، إضافة إلى تمسكه بعلاقته مع “حزب الله” والأسد.
قد تكون خطوة إنفتاحه على روسيا جيدة، لكن فرنجية يعلم أن من يملك مفتاح فتح أبواب بعبدا هو الاميركي وليس الروسي وتجربة الحكومة الاخيرة أكبر دليل، فقد حاولت موسكو كثيراً ولم تنجح وعندما أتت كلمة السر الأميركية بالتوافق مع إيران تألفت الحكومة، وبالتالي فان فرنجية يملك نقاط قوة كثيرة لكن النقطة الأهم لا يملكها وهي دعم واشنطن وسط وجود غضب أميركي على كل الطبقة السياسية.