قالت مصادر مطلعة لـ”الديار” ان التوجه هو لتمديد السحوبات الشهرية من المصارف، بموجب التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ، على اساس سعر صرف الـ 3900 بعدما كان قد روّج في المرحلة الماضية عن نية لرفعه.
باتت العينُ “مفتّحة” على الصرافين غير الشرعيين في السوق الموازية (السوق السوداء) الذين يساهمون في تدهور سعر الليرة من خلال المتاجرة بالدولار والتلاعب بسعرِه. وفعلياً، فإنه في الكثير من المناطق، سترى أشخاصاً يحملون رُزماً من الأوراق النقدية اللبنانية (من فئة الـ100 ألف ليرة و الـ50 ألف ليرة).
“لبنان24″ جالَ على عددٍ من هؤلاء الصرافين في مدينة صيدا، وكانت هناك محادثات مع بعضهم، فتبيّن أنّهم يتعرضون لما وصفوه بـ”مضايقات” من القوى الأمنية، وقال أحدهم: “عم بحطّو علينا كتير.. عم بديقوا على شغلنا وحاطّين حطاطنا الدرك والمخابرات.. الظاهر حتقوم القيامة علينا.. مش معروف شو رح يصير”.
ومع هذا، تبيّن أن هؤلاء الصرافين يمتلكون مبالغ هائلة من الدولارات والليرة. وحتماً، فإن البعض من هؤلاء تحفظ عن مصدر تلك الأموال في حين أن البعض الآخر قال: “نحنا كنا تُجار قبل ونشتغل بالبضاعة.. المصلحة بطلت توفي معنا.. هون منشتغل ومنطلع يوميّة أحسن من قبل، وعم نربح وعم نكسب.. غير هيك ما بيمشي الحال”.
أما الأمر الأخطر فهو أنّ بعض هؤلاء الصرافين شرعوا ببيع الدولار للمواطنين ولكن بسعرٍ مرتفع مغاير لسعر المنصات الرقميّة. ومن خلال بعض المحاولات، تبيّن أن الـ100 دولار التي يتم شراؤها الآن على أساس سعر 16250 ليرة (كما هو وارد على التطبيقات)، سيتم بيعها من قبل الصراف إلى الشخص العادي على أساس 16600 ليرة لبنانية.
في المحصّلة، فإن هذا السوق “يغنّي على ليلاه”، وما يحصل يؤكد أنّ ضرب العملة الوطنية مستمر واللعبة كبيرة. ووسط كل ذلك، فإن التّساهل مع هؤلاء الصرافين هو الأمر الخطير. فعندما يتم ملاحقتهم وتوقيفهم ومعرفة مصادرهم وغايتهم من المتاجرة بالعملة، يُمكن عندها التاكد من أن سعر الدولار قد يخضع للمعالجة التي تؤدّي لهبوطه. إلا أنه في حال استمرّت الأمور على حالها، فإن التلاعب مستمر وعندها سيبقى الدولار على ارتفاعه المُتواصل.
كما يبدو أن الضغط على مصرف لبنان من وزارة المالية ولجنة المال والموازنة لرفع سعر صرف دولار السحوبات المصرفية الشهرية وفق التعميم 151 الذي تنتهي مفاعيله في 30 الجاري والمحدد بـ 3900 ليرة، لن يؤتي ثماره حسب الترجيحات.
فالمعطيات تبدّلت اليوم مع تشكيل الحكومة وتراجع سعر صرف الدولار عن الـ19 ألف ليرة، مع العلم أن “رفع سعر الصرف يجب أن يحصل لا محالة ولكن ليس اليوم، وقد يكون بتوقيت آخر بعد ضبط الإستعمالات ليس ورقياً بل من خلال بطاقات الدفع التي تتطلب حوافز لنقاط البيع”، كما أكّد رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود لـ”نداء الوطن”.
وأضاف حمود: “قد يكون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بانتظار ما اذا كانت الحكومة ستستطيع وضع إطار عام لمعالجة التسعير والصرف و”القضية” المصرفية حتى بخطوطها العريضة، وعدم استباق الأمور”، علماً أن زيادة سعر الصرف ستزيد الخسائر عليه لأن “المركزي” يشتري الدولار الموجود في البنك المركزي بسعر يفوق الـ 1500 ليرة لبنانية، ثم إن ضخّ الليرة اللبنانية في السوق سيؤدي الى ضغط على الكتلة النقدية ويزيد الضغط على الصرّافين لشراء الدولار.
وحول الحوافز التي يمكن إعطاؤها لنقاط البيع، يقترح حمود أن تكون “من خلال فتح حسابات لتلك النقاط لتحصيل دفعات عبر البطاقات التي يمكن استعمالها لشراء الدولار عبر منصة مصرف لبنان”.
فبعد استمهال البنك المركزي لجنة المال والموازنة لإجراء دراسة حول تأثير زيادة سعر الصرف الفعلي والعملي على الكتلة النقدية، وتداعيات هذا الأمر التضخمية وارتفاع سعر صرف الدولار، وبعد عدم اكتمال الحضور لعقد جلستين سابقتين، تعقد اليوم اللجنة إجتماعاً عند الحادية عشرة من قبل الظهر، لمتابعة الإستماع إلى وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف حول تحديد سعر الصرف للسحوبات الشهرية من المصارف، بموجب التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان.
ومن المتوقّع أن يكتمل النصاب اليوم على أن يُمثّل مصرف لبنان، كما علمت “نداء الوطن”، النائب الرابع لحاكم مصرف لبنان ألكسندر موراديان الذي سبق ان حذّر من التداعيات التضخمية لرفع سقف الـ3900 ليرة للدولار المصرفي. واذا لم يكتمل النصاب في الوقت المحدد، فتعقد اللجنة جلسة ثانية عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم نفسه.
وفي استيضاح للأجواء المتوفّرة لدى لجنة المال والموازنة حول ما ستؤول اليه الجلسة، أوضح رئيسها النائب ابراهيم كنعان لـ”نداء الوطن” أنه من المفترض اكتمال الحضور، واللجنة تنتظر دراسات مصرف لبنان التي وعد بها طيلة الشهر الماضي حول ما أسماه مخاطر التضخم وتأثيره على سعر الصرف، علماً ان وزارة المالية أكّدت اصرارها على ضرورة تعديل التعميم 151 نسبةً للسحوبات الشهرية أي الـ3900 ليرة.
وحول نسب التضخم التي من الممكن أن يتسبب بها خيار رفع سعر صرف السحوبات الشهرية أو رفعها مع تجزئة المدفوعات بين كاش وبطاقة إئتمان، قال كنعان: “ننتظر دراسات مصرف لبنان، لكن كل المواد الاستهلاكية ارتفعت اسعارها وبالتالي من المفترض ان تستوعب هذه الزيادة (…) والأهم تأمين حقوق المودعين بودائعهم بالدولار وهذا يحتاج الى أن يضع البنك المركزي رؤية مستقبلية لا ان يستمر بزيادة عدد أسعار الصرف”.
ولكن هل يضع رؤية مصرفية قبل بدء المفاوضات مع “صندوق النقد الدولي؟ يجيب كنعان: “الخطة المستقبلية مطلوبة قبل بدء المفاوضات وبالتوازي معها، اذ لا يجوز الاستمرار بهذا الوضع”.
إذاً المودع الذي لم يستفد من التعميم رقم 158، أي لم يحصل على جزء من ودائعه “كاش دولار” وجزء وفق سعر الـ12 ألف ليرة، سيبقى ضحّية استنزاف جنى عمره تحت مظلّة الـ”هيركات” غير المقونن، من خلال تقاضي ودائعه بالعملات الأجنبية، نقداً بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار أي بخسارة بنسبة نحو 76%، إذا احتسبنا سعر الصرف في السوق السوداء وفق سعره أمس الذي بلغ نحو 16 ألفاً و500 ليرة لبنانية.
باتريسيا جلاد – نداء الوطن