من مهرجان دموع نجيب العجيب عند التشكيل، إلى “نقط” النفط الإيراني الأسود “المعلّمة عا الزفت الجديد”، حبل “تخين” يجمع ، كان كفيلاً بخنق ما اعتُبر صدمة إيجابية ، سياسية واقتصادية، أحدثتها ولادة “الحكومة الماكرونية” ، التي “حطّ اللبنانيون إيدن عا قلبن” ، عندما علموا بزيارة رئيس حكومتهم إلى باريس للقاء “عرّابه” في ظل الصراع الأميركي – الفرنسي. زاد هذه الصورة القاتمة سواداً، تعاملُ الدولة بكل مؤسساتها مع ملفات أمنية متفرقة حملت الكثير من الدلالات، من المعابرالسائبة والمشرّعة أمام قوافل النفط الإيراني، وصولاً إلى “إعادة تموضع الجيش “عند مداخل الضاحية الجنوبية، بسبب الأوضاع التي تمرّ بها المؤسسة وانتفاء الحاجة للإنتشار بشكله السابق، وما خلّفته الخطوة من “نقزة” لدى أكثر من طرف وجهة، وبينهما “نيترات الصقر” ودخول “الحاج ” السافر على خط التحقيقات العدلية والأمنية.
وإذا كانت تغريدة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ، قد حملت في طياتها رسائل أمنية مبطّنة ، فإنه من الواضح أن مصلحة الجمهورية الإسلامية باتت فوق كل اعتبار، بدليل أن “الميقاتية السياسية” نالت الثقة “بأوكسيجين” ضمنته مولدات الحزب بمازوتها الإيراني، بعيداً عن الجدل البيزنطي حول حصار وهمي قد كُسر، ودفن للرؤوس في الرمال من هنا، وتجاهل من هناك، فيما تتكشّف يوماً بعد يوم الكثير من الأهداف السرية المحقّقة “بضهر البيعة” من خطوة استجرار “النفط النظيف” براً، عبر معبرين، الأول، خُصص للإحتفالات والتطبيل والتزمير، والثاني، يبقى ما يمرّ عبره في علم الغيب، والتي تتخطى في الكثير من تداعياتها ، الأمور الخارجية لتطال تفاصيل داخلية حساسة “لكيانات لبنانية” من خارج بيئة “حزب الله”، لا تغيب عنها تقيّة الدويلة في الهيمنة على مواطني الدولة وضمّهم الى ذمّييها .
وفي هذا الإطار تكشف المعطيات أن الحزب أعدّ نموذج استمارة خاصة للأفراد والمؤسسات التي ترغب في الحصول على “محروقاته”، مشابهاً إلى حد كبير لذلك المُستخدم من قبل اللجان الأمنية لجمع المعلومات عن سكان منطقة الضاحية الجنوبية. وبحسب ما سُرّب، فإن الإستمارة تتضمّن معلومات دقيقة وحساسة من بينها معلومات عن أرقام الحسابات المصرفية وغيرها، مع ما تحمله من طابع شخصي. خطوةٌ تطرح العديد من التساؤلات حول الغاية من جمع كل تلك “الداتا” خصوصاً في المناطق غير الخاضعة للسيطرة المباشرة ل”حزب الله”، سواء أكانت مسيحية أم سنية، والأهداف الحقيقية التي تقف وراء هذه الخطوة المُستترة تحت عنوان تقديم مساعدة أو دعم .
واضح أن التدابير الوقائية – الإستباقية التي اتّخذتها حارة حريك، لم ولن تحميها من الفخ الأميركي، الذي وقعت فيه عن سابق إصرارٍ وتصميم، إلاّ مرحلياً، كما أن التجاهل الرسمي المتعمّد لن يعفي حليفتها الحكومة اللبنانية الوليدة، من إجابة الغرب عن جملة أسئلة وازنة. وهنا تُطرح أسئلة أساسية حول كيفية تعامل الحزب مع قواعده الشعبية التي باتت تنتظر تسلّمها المازوت مجاناً في غضون أسابيع؟ وعلى أي أساس سيفاضل بين العائلات؟ وهل يملك ما يكفي من كميات لتغطية الحاجات؟ والأهم من ذلك هل ستكون القواعد قادرة على دفع سعر “التنكة” كما تمّ تحديده والذي هو نفسه عملياً كسعر الدولة الرسمي، في حال تمّ حسم قيمة الضريبة المضافة ورسم الجمارك ؟ والأهم كيف سيتعامل “المحتاجون” من خارج بيئة الحزب وبخاصة المسيحيين، مع “الداتا الأمنية ” التي يجمعها الحزب عبر الإستمارات التي يملؤونها؟ هذه الفئات نفسها التي “قامت قيامتها يوماً” عندما طلبت الأجهزة الرسمية تسليمها معلومات أقلّ خطورة وخصوصية؟
يقول المثل اللبناني “الإيد اللي مافيك عليها بوسها ودعي عليها بالكسر” …. هكذا قاد ثلاثي “ثورة الأرز” المرح، الشعب اللبناني على طريق التنازلات، إلى أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم ،حيث بات “الندم ما بينفع” “والرجعة لورا مش بالإيد” …. وبعد، يسأل الشاطر حسن ذات يوم “أبو تيمور”، بعدما تخطت الأحداث معادلة “سايغون أو سينغافورة”، كيف يمكن التعايش بين الدويلة والدولة السيّدة، والتي جرى اجتياح كل مقوّمات قيامها من داخلية وخارجية ؟