السلطة تسرق صوت المغترب كما سرقت جنى عمره، من سرق أموال اللبنانيين في الداخل والخارج، ونهب الدولة وخزينتها وسيادتها، يستطيع أيضاً، وقد قرّر أن يسرق صوت المغترب وحقّه في التصويت في السباق الديمقراطي المُقبل. الأمر قد اتُخذ، لا صوت إغترابياً في الإنتخابات النيابية المُقبلة، والسبب واضح وهو لأنه لن يصبّ في مصلحة أهل السلطة الفاسدة، وسيُشكّل خطراً كبيراً على صفقاتها وفسادها ومصالحها، ولذا فهي لن تسمح بأن ينجح الصوت الإغترابي الذي يتوق إلى التغيير في الداخل ، في إيصال صوته.
اتفق أهل السلطة على تعليق مادة في قانون الإنتخاب، تنصّ على تخصيص 6 مقاعد نيابية للإغتراب، وبالتالي لن يسمحوا بإجراء التصويت وفق الطريقة السابقة، أي عبر التصويت بحسب أماكن قيد كل مواطن مغترب في لبنان ، وذلك لأنهم يريدون تهميش الصوت الإغترابي الذي سيصبّ حكماً في مصلحة قوى التغيير، وهو أمر بديهي كون اللبنانيين وتحديداً “المهاجرين” والمغتربين الجدد منهم، ما زالوا يشعرون بمرارة ممارسات أهل السلطة التي دمّرت حياتهم ودفعتهم إلى ترك وطنهم مع عائلاتهم.
أصابع الإتهام يوجهها المغتربون إلى السلطة مجتمعةً ولكن الثنائي الشيعي، هو الراعي الأكبر لهذا القرار الجائر والمُجحف وغير القانوني، إذ أنه ليس صعباً على من هزّ ركائز الدولة واستباح قرار السلم والحرب وسيادة الحدود، أن يغتصب اليوم حق المغترب بالإنتخاب. فالثنائي يُدرك أن أصوات اللبنانيين في الخارج ستُعاقب أهل السلطة الفاسدة، ويعلم أن حليفه “التيار الوطني الحر” سيكون المتضرر الأكبر من الصوت الإغترابي، وسبق وأن ألمح إلى ذلك النائب جبران باسيل، في كلمته خلال جلسة اعطاء الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عندما أصرّ على تخصيص ستة مقاعد للمغتربين، في محاولة مفضوحة للمزايدة في هذا المجال، خصوصاً وأنه يعلم مُسبقاً أن وزارتي الداخلية والخارجية لن تتمكنا من إجراء الانتخابات في الخارج لأسباب عدة.
ووفق ما تقدم، يبدو جلياً أن السلطة “الفاسدة” قد اتخذت قرارها بحرمان الإغتراب من حق الإقتراع، وهي بدأت بإعداد السيناريو المناسب لتحقيق ذلك تحت عناوين وحجج وذرائع مختلفة تتعلق بالإجراءات اللوجستية حيناً وبالظروف الصعبة حيناً آخر مع أن المسؤول عن ذلك هو هذه السلطة وليس اللبناني الذي ما زال مصرّاً على أن يمارس حق الإنتخاب الذي منحه إياه الدستور.