شهد سعر صرف الدولار في الساعات الأخيرة تراجعاً قياسياً، وسجل حتى لخطة كتابة هذه السطور 13600 ليرة لبنانية شراء، و13700 ليرة مبيع. هذا التهاوي السريع في السعر يعود مبدئياً إلى الأجواء التفاؤلية المنبعثة عقب تشكيل الحكومة الجديدة. فإلى ماذا يؤشر التراجع المهم في السعر؟ وما مصير الدولار في الأيام المقبلة؟ هل يثبت على سعر معين بعد التشكيل وظهور طيف المساعدات؟ أم أن الانخفاض هدفه شار الدولارات لمعاودة رفع السعر؟
الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة شرح لـ “المركزية” أن “تثبيت سعر الصرف غير وارد. يجب التمييز بينه وبين الاستقرار الذي يعني ترك السعر يتحرك ضمن هامش معين في ظل العوامل المختلفة المؤثرة عليه. بينما التثبيت يعني إبقائه على سعر واحد وثابت”، لافتاً إلى أن “صندوق النقد الدولي يريد تحرير سعر الصرف ومنصة صيرفة أُنشئت للهدف نفسه، أي أنها ستكون السوق الرسمي حيث سيحدث التداول عبرها”.
وتابع “أما في السوق السدواء فالسعر hand made من قبل عصابات مسيطرة ومستفيدين يحققون أرباحاً، والأكيد أن هذا السعر مرتبط بالشق السياسي بنسبة كبيرة جداً إلى جانب تأثره بالاحتكار والتهريب، بالتالي إذا تم لجم العوامل هذه لن يبقى السعر على حاله”.
وعما إذا كان من الممكن أن تكون حالة هبوط الدولار موقتة، ليعود ويحلق مُجدّداً بعد تمرير موضوع رفع الدعم، اعتبر عجاقة أن “هذا الاحتمال وارد، إذا لا يمكن الجزم نهائياً. وما ذكرته آنفاً معتمد على المنطق، ونرتكز إلى فضرية محاربة الحكومة الجديدة للسوق السوداء لأن إن لم تفعل ستبقى هذه السوق متحكمة برقاب اللبنانيين، ويمكن أن نتخيل تغييراً في سعر الصرف، نزولاً أو صعوداً، مع كل تصريح لأي من المسؤولين. لذلك الاستقرار واجب من دون أن يعني بالضرورة تثبيت السعر لكن أقله ألا يتغير بقفزات كبيرة تضرب النشاط الاقتصادي، إذ عندما يرتفع السعر يعجز المواطن عن شراء السلع وعندما يهبط يتوقف التاجر عن البيع. من هذا المنطلق يمكن أن نرجح إمكانية لعب لعبة معينة، وإن كانت تديرها عصابات التطبيقات لا نتفاجأ كونها تسعى إلى سحب دولارات المواطنين الموجودة في منازلهم، أما إذا كان هناك ضلوع رسمي في الموضوع فلا يليق بعمل دولة وأستبعد ذلك. الاحتمال الأول وارد أكثر ويفترض على الحكومة أن ترضب العصابات بيد من حديد”.
وأشار عجاقة إلى أن “دخول مليار ومئة وخمسة وثلاثين مليون دولار لدى حسابات مصرف لبنان من صندوق النقد الدولي من الأسباب المهمة لهبوط سعر الصرف الدولار. وهذا المبلغ سيضغط في اتجاه استقراره على مستوى معين، لأن منطقياً زيادة الكتلة النقدية بالدولار تعني المزيد من الاستقرار في سعره مقابل الليرة”. وعن إمكانية توقع الرقم الممكن أن يستقر عليه، أوضح أن “سعر السوق السوداء يأخذ حيز كبير من حياة اللبناني لأن التجار يعتمدونه، وعندما يتم القضاء على السوق السوداء لن تبقى هناك من مشكلة إذ حينها يمكن اللجوء إلى منصة Sayrafa الرسمية، بالتالي لا يمكن التنبؤ بسعر يتلاعب فيه شخص عبر تطبيق إلكتروني ويحدده على هواه. لكن، في المطلق إذا ظلت الأجواء الحكومية السياسية جيدة وإيجابية يتجه سعر الصرف إلى مزيد من الاستقرار”.
المركزية