عاملان سياسيان مهمان كانا كفيلين بتخفيض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، هما تكليف الرئيس نجيب ميقاتي،وتشكيل الحكومة. تنفس اللبنانيون الصعداء مع انخفاض الدولار من 23 الفا إلى 15 الف ليرة. لكن، في المقابل، يعتبر مراقبون للوضع الاقتصادي أن سعر الدولار وانخفاضه سياسي، ومفتعل، ولن يدوم على المدى الطويل. من ناحية أخرى، استبشر مراقبون آخرون خيراً، ورأوا أن الاستقرار السياسي سينعكس بالعمل الجاد داخل الحكومة، من حيث تفعيل الاصلاحات وبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإطلاق البطاقة التمويلية لرفع الدعم عن المحروقات، بالاضافة إلى ورود المساعدات الدولية والعربية للبنان، وكان أولها إيداع مبلغ المليار و135 مليون دولار من صندوق النقد في مصرف لبنان.
في السياق، توضح الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي ليال منصو فري حديثٍ خاص لـ”لبنان24″ أن “الدولار مؤشر إقتصادي يعبّر عن التضخم، وعن الكتلة النقدية غير السليمة، بالاضافة إلى الدولارات التي لا يحصل عليها المواطن من المصارف والطلب المتزايد على العملة الخضراء”. وتُشير إلى أن “لبنان ليس فقط البلد المدمن على الدولار، فقد أثبت الاخير أنه عملة الحماية والامان والمستقبل”… كذلك، تقول منصور إن “الدولار يتأثر بالشقّ السياسي، وهذا التأثر لا يتخطى الالفين إلى الثلاثة ألاف ليرة كحدٍّ أقصى”. وتُضيف أن “الاخبار السياسية الايجابية خفّضت سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى 16000 و15000 ليرة. وتوقعت أن يستمر هذا الاستقرار في السوق الموازية مؤقتا”. وسألت: “هل يستمر هذا التفاؤل؟ هل ستقوم الحكومة بالتفاوض مع صندوق النقد؟ هل ستكون هناك نتائج إيجابية ملموسة من خلال المفاوضات؟” وتُشدد على أنه “يجب على الحكومة العمل واتخاذ الاجراءات الاقتصادية الضرورية، لتجنب إرتفاع سعر صرف الدولار من جديد”.
وتُذكر منصور أن “المفاوضات مع صندوق النقد والكلام عن الاصلاحات كان في حكومة الرئيس حسان دياب. واستمر الدولار بالارتفاع حتى بعد الاجتماعات بين الوفد اللبناني وصندوق النقد”. وتلفت إلى أن “هذا يؤكد أن ارتفاع أو انخفاض الدولار ليس دليلا سياسيا، بل يعبّر عن صحة الاقتصاد”.
وعن منسوب التفاؤل داخليا، بعد تقديم صندوق النقد مساعدة كبيرة للبنان، هي عبارة عن مليار و135 مليون دولار، وإدخال مورد جديد من الدولارات إلى مصرف لبنان، تُشدد منصور على أن “هذا المبلغ يساعد على استقرار سعر الصرف، ولكن، لا يخفضه أكثر”. وتُتابع أن “لبنان بلد مدوّلر، ويحتاج إلى أكثر من هذا المبلغ بالدولار كي نشعر بالفرق في سعر الصرف”.
وتُوكد أن الدولة “إن كانت تريد تخفيض الدولار للـ14000 ليرة، عليها البدء بالاجراءات للوصول إلى الحلول الملموسة. ومن هذه الحلول إدخال الدولارات للمواطن ليس فقط عبر الاستهلاك، وإنما عبر انتاج دولارات جديدة. ومثال على ذلك، مساعدة صندوق النقد. فإن استعملت هذه الاموال لدعم السلع الغذائية والمحروقات سيستقر الدولار لبعض الوقت، إنما لن ينخفض سعره أكثر”. وتُشدد على أن “هذه الاموال يجب إستعمالها في الاستثمارات والانتاج والتوظيف والتصنيع والتصدير لإنتاج دولارات جديدة، وتحسين العجلة الاقتصادية”
وعندما تشكلت الحكومة، تهافت المواطنون لبيع دولاراتهم عند الصرافين مع انخفاض سعر الصرف من الـ19000 إلى 16000 ليرة، تخوفا من انخفاض الدولار أكثر مع المنسوب السياسي التفاؤلي الكبير في البلد. هنا، تعلّق منصور أن “الكتلة النقدية زادت حوالي 10 مرات، وهذه الزيادة وحدها بإمكانها التسبب بانهيار أي دولة عظمى. وتُضيف أن لاقفال الشركات اللبنانية والاجنبية أيضا تداعيات سيّئة للغاية. كل هذه المشاكل هي إقتصادية وتعبّر عن واقع سعر صرف الدولار. أما السياسة، فتأثيرها على الدولار لا يتعدى 3000 ليرة”. ولا تطلب من المواطنين عدم شراء أو بيع الدولار، لكنها تنصحهم بالتريث عن بيعه وانتظار ما ستؤول إليه الاوضاع في لبنان
وعن تحرير العملة إذا استؤنفت المفاوضات مع صندوق النقد، تُشير منصور إلى أنه “لا يمكن لاي بلد لديه نقص في الثقة ومشاكل إقتصادية أن يحرر سعر الصرف، لان العملة ستنهار أكثر. وفي بعض البلدان، وصلت العملة إلى الملايين مقابل الدولار”. وتُضيف أن “حتى في دول الخليج العربي حيث الموارد الطبيعية والنفط، التي تُباع في الاسواق العالمية بالدولار، فإن عملة هذه البلدان غير محررة لنقصان المصداقية في الاسواق والارضية الاقتصادية، والتطور في القوانين”.
وتلفت منصور الانتباه إلى أن “مع كل ارتفاعة بالدولار، هناك “سعر مقاوم” لا يتجاوزه سعر الدولار لفترة معيّنة، قبل أن يعاود الارتفاع. وتّحذر من أن فشل المفاوضات مع صندوق النقد ، لا سمح الله، سيرفع الدولار بشكل سريع، إلى حين الوصول لـ”سعر مقاوم” جديد. وهذه القفزة مرجحة ما بين 3000 إلى 4000 ليرة، أي أن الدولار سيعود إلى 19000 أو 20000 مقابل الليرة اللبنانية”.
وعن رفع الدعم ومدى تأثيره على سعر صرف الدولار، يعتبر مراقبون للوضع الاقتصادي أن رفع الدعم من شأنه تخفيف الطلب على المحروقات. في المقابل، ترى منصور أن “هذا عذر أقبح من ذنب، وموضوع سيء للغاية. فالتخفيف من استهلاك المحروقات سيقتل ما تبقى من الاقتصاد اللبناني”. وتوضح أن “كل العجلة الاقتصادية تتطلب استخدام المحروقات، في التنقلات، المولدات الكهربائية، الجامعات والمدارس، الشركات، المعامل، الصناعات، المستشفيات، الافران… كل هذه القطاعات بحاجة للمحروقات للاستمرارية، ولا يمكن القول “استعملوا المحروقات بكميات أقل”.
الحكومة الجديدة انطلقت والامال معقودة على انتاجيتها لاعادة تحريك الدورة الاقتصادية ووضع الامور على سكة الحل، خصوصا على الصعيد المالي وسعر العملة
المصدر لبنان ٢٤