كتب انطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
طَوَت الولايات المتّحدة الأميركية واحدة من أسوأ صفحاتها في العصر الحديث، بانسحابها من أفغانستان، وبإحياء ذكرى أحداث 11 أيلول بكثير من الفتور، لا يليق بحَجْم الكارثة، ولا بعدد الضحايا الذين سقطوا. وهو ما يؤكّد أن 11 أيلول 2001 صفحة من حرب على الإرهاب، طُوِيَت من “الأجندة الأميركية”، لصالح فَتْح أخرى، تُرسَم بعض ملامحها من خلال الصّراع الأميركي – الصيني، والتفاهُمات الأميركية – الإقليمية، في هذه المنطقة من العالم، أو تلك.
مرفأ بيروت
وإذا كانت القوّة الأميركية الكبرى تخلّت عن مسار مُتكامِل من حقيقة وعدالة، يتعلّق بإحدى أهمّ صفحاتها الخاصّة، وذلك مهما أنكر النّاكرون، رغم نفوذها داخل أكبر مؤسّسات العدالة الدولية، وموسّسات الأمن الدولي، فإن لا أحد يُمكنه التعويل لبنانياً على مساعدة الولايات المتحدة الأميركية، والعالم الحرّ الذي يدور في فلكها، على صعيد الدّفع باتّجاه كشف حقيقة أسباب انفجار مرفأ بيروت (4 آب 2020)، في أي يوم من الأيام.
من المرّيخ؟
إحتمالات كثيرة، وكلّها تؤكّد ما هو أكثر سوداوية وسلبيّة ممّا يسبقها. فالحقيقة والعدالة ليسا أكثر من لعبة مصالح، ترتفع أسهمها أو تنخفض، بحسب التسويات والإتّفاقات وتقلّباتها. وأبرز ما يُمكن تأكيده هو أن من يموت بهذا الهجوم، أو الانفجار، أو الاعتداء، أو ذاك، على أرضنا، “بتروح عليه”، سواء كان لبنانياً أو أميركياً أو مواطناً “مرّيخياً”.
إيران متورّطَة
أشار مصدر واسع الإطلاع الى أن “الولايات المتحدة الأميركية طَوَت صفحة حربها على الإرهاب، وحرب أفغانستان، منذ أن برّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الإنسحاب، بالانتهاء من تحقيق الأهداف الأميركية التي من أجلها دخلت واشنطن الى أفغانستان، وهي إلقاء القبض على متّهمين بتنفيذ هجمات 11 أيلول 2001، ومحاكمة بعضهم الآخر، وقتل زعيم تنظيم “القاعدة” (الراحل) أسامة بن لادن”.
وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أن “هذا الملفّ أُقفِل، وفق رأي أميركي يقول إن الأفغان أحرار في حُكم أنفسهم بأنفسهم، سواء حصل ذلك في ظلّ حركة “طالبان” أو غيرها، كما على وقع تبرير أميركي للسعودية، واتّهام إيران بالضّلوع في الهجمات بدلاً منها، وذلك من خلال إعلان رئيس لجنة التحقيق الأميركية في هجمات 11 أيلول، توماس كين قبل أيام، أنه وجد المزيد من المعلومات حول تورُّط إيران المُحتَمَل بما حصل، أكثر من السعودية”.
قيادة الجيش
ولفت المصدر الى أن “الأميركيين يريدون نسيان هجمات 11 أيلول 2001، وسياستهم الخارجية ما عادت تتمحور حولها. ومن هذا المُنطَلَق، مرّروا الذّكرى السنوية لتلك الأحداث بهدوء، لا سيّما أن الإدارة الأميركية الحالية سقطت شعبياً بسبب طريقة انسحابها من أفغانستان، كما فقدت ثقة الداخل والعالم والحلفاء بها”.
وأضاف:”في لبنان مثلاً، لم تُطلِق واشنطن يد طهران، ولكنّها لم تعارض الإتّفاق الفرنسي – الإيراني الذي ضغط لتشكيل الحكومة الجديدة. ولكن الخوف الكبير هو من أن تقوم فرنسا بتسليم لبنان لإيران، بإسم التفويض الأميركي الممنوح للفرنسيين في الملف اللبناني، فيُشرعَن الإحتلال الإيراني (للبنان) بالطريقة نفسها التي سُمِح فيها بالإحتلال السوري، في الماضي”.
وختم:”هذا الإحتمال شديد الخطورة، خصوصاً أن الإحتلال الإيراني بات يسيطر على كل المؤسّسات اللبنانية، ما عدا واحدة منها فقط، وهي المؤسّسة العسكرية التي يخاف من التصادُم معها. ورغم ذلك، تحاول إيران السيطرة على المؤسسة العسكرية تدريجياً، بأشكال كثيرة تستفيد من انعكاسات الأزمة الإقتصادية والمعيشية اللبنانية عليها. والهدف الإيراني النّهائي هو السيطرة على القرار العسكري اللبناني الرسمي، وعلى قيادة الجيش، وهذا يتطلّب الكثير من اليقظة والحَذَر”.