لم ينتظر البقاعيون السلطة التنفيذية الجديدة لأن تطلق صفارات الإنذار، لشد أحزمة الانتخابات النيابية المقبلة وتحديد المواعيد الإجرائية وتغطية كلفتها، انما بدأوا بإجتماعات تحضيرية تعبيراً عن عزمهم على التغيير ديموقراطياً وفي صناديق الإقتراع، لصد أي اقتراح قانون بتأجيل الإنتخابات مهما بلغت الظروف.
فبعدما تعملقت هذه السلطة على حساب القاعدة الشعبية المتروكة لقدرها اليوم، وتجذرت بربط مصالح الناس معها، يصبح المواطن أمام حيرة من أمره بين العودة الى واقعه المسلوب أو السير باتجاه التغيير لاستكمال ثورته بوجه سلطة الفساد.
وقطعاً للوقت والتأويلات تجرى اللقاءات في صالونات الفاعليات و”المفاتيح” والقيادات الحزبية والسياسية البقاعية. تخطيطاً لفرض تحالفات جديدة وتعويم اسماء وحرق بعضها وفق ما ترتئيه حاجة كل طرف.
ففي البقاع الغربي انقلبت الصورة رأساً على عقب في مشهدية التحالفات وشكلها، عما كانت عليه في الدورة السابقة قبل ثلاث سنوات، والواضح في المشهدية العامة البائنة والواضحة في الخروج الكلي للتيار الوطني الحر من “إطار الصورة”، بفعل فاعل وعن سبق اصرار وترصد تيار المستقبل ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، بعدما نجح الأخير في فتح قنوات التواصل والاتفاق بين “المستقبل” بشخص الرئيس سعد الحريري، والنائب عبد الرحيم مراد الذي حسم ترشيح نجله الوزير السابق حسن مراد لتهدئة الأجواء بين الفريقين ضمن آلية متفق عليها لترتيب البيت الداخلي، وخوض الانتخابات بأقل الخسائر الممكنة للطرفين.
وبحسب مصادر مطلعة أن هناك توجهاً لخوض الانتخابات بلائحتين للسلطة متفق عليهما بين الاثنين. (المستقبل ومراد)، وذلك بهدف اخراج “البرتقالي” من دائرة التحالفات الإنتخابية، أولاً لأن تيار المستقبل حسم خياره أنه سيخوض الانتخابات بمعزل عن أي تحالف حزبي، ولأن مراد يرضخ لقرار الأكثرية في لائحة تضم الفرزلي وحركة أمل اللذين يرفضان رفضاً قاطعاً التحالف مع “الوطني الحر”، لأن حجمه يُعتبر في قضاءي البقاع الغربي وراشيا هزيلاً جداً ولا قدرة له على تجيير أكثر من ألف وخمسمئة صوت في أفضل أحواله، عدا عن تراجع حضوره الشعبي بعد 17 تشرين بشكل ملحوظ. مما يقلل من حظوظه في خوض الانتخابات. لأن أمام هذا الحجم لا يقبل أي فريق أن يكون رافعة له على حساب جمهوره وكتلته البرلمانية كما جرت العادة في الانتخابات السابقة.
وفي هذا السياق أوضح قيادي برتقالي في البقاع الغربي أن تياره “في حال تلقى جواباً رسمياً من الوزير مراد يقول إنه لن يستطيع التحالف معنا حينها من المرجح ألا نرشح أحداً ونترك حرية الاقتراع لمحازبينا”. جواب القيادي هذا يأتي من استحالة تحالف تياره مع القوات وقوى الإنتفاضة في حال استطاعت أن تتوافق ضمن لائحة واحدة. هذا ما يجعل “البرتقالي خارج المعادلة كلياً”.
ويشير مصدر مقرب من مراد، أن تحالفه مع حركة أمل والفرزلي وطارق الداوود “أمر شبه منتهٍ ولا اشكالية فيه، انما موضوع التحالف مع الوطني الحر هذا ليس نحن وحدنا من نقرره انما الحلفاء يقررون ذلك”، في اعتباره أن أكثر المعترضين هي حركة أمل لأن المقعد الشيعي في الغربي محسوم لها وبالتالي يصبح التحالف من المحرمات.
وفي المقلب الآخر يحسم قيادي مستقبلي أن التحالف مع الوطني الحر من رابع المستحيلات، وقال: هناك توجه لأن يخوض التيار الانتخابات منفرداً من دون تحالفه حتى مع الاشتراكي الذي يشغل مقعده حالياً النائب وائل أبو فاعور، انطلاقاً من قاعدة أن البقاع الغربي يعد من أهم الخزانات الشعبية المؤيدة لـ”الازرق”، وبالتالي لن يكون سبباً لأن يؤمن حواصل انتخابية لغيره كما حصل في الانتخابات السابقة. كما تستبعد المصادر ان يعقد “المستقبل” و”حزب القوات” تحالفات ما لم يكن هناك تفاهمات سياسية في ملفات اخرى.
أما في مقلب الحراك الثوري، فبدأت قوى ثورة 17 تشرين تطفو على سطح مياه الحركة المكوكية في المناطق وعقد لقاءات لناشطين وناشطات لاعادة التموضع وايجاد آلية لاستنهاض الشارع والتعبير عن حضوره وثورته في صناديق الاقتراع.