ينبع “شهاب النجوم” من شظايا الصخور شبه المجهرية الموجودة في جميع أنحاء النظام الشمسي، والتي تسمى أحيانا “الغبار بين الكواكب”.
وعندما تصطدم هذه الجسيمات بالغلاف الجوي للأرض، فإنها تخلق شهبًا، تُعرف باسم النجوم المتساقطة ، حيث تتبخر الأجزاء المجهرية (عادةً) وتترك آثارًا مشتعلة عبر الهواء.
وعندما تصطدم هذه الشهب برواد الفضاء، يمكنها إحداث ثقوب في بدل الفضاء، أو أسوأ من ذلك، لذلك فإن فهم مصادر وأنماط هذا الغبار بين الكواكب مهما جدًا لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، حيث تخطط للقيام بمهام إلى القمر والمريخ وما خلفهما.
وكانت جزيئات الغبار هذه قصفت خلال ثوراتها حول الشمس، المركبة الفضائية “باركر سولار بروب”، وهي مهمة اقتربت من الشمس أكثر من أي شيء آخر في تاريخ رحلات الفضاء.
وعند اصطدامها بالمركبة الفضائية، يحدث تبخر للحبيبات الصغيرة، بعضها يصل قطره إلى 10 آلاف من الملليمتر، وتطلق سحابة من الجسيمات المشحونة كهربائيًا والتي يمكن اكتشافها بواسطة (FIELDS)، وهي مجموعة من الأدوات المصممة لاكتشاف المجالات الكهربائية والمغناطيسية في المركبة الفضائية “باركر سولار بروب”.
وتم نشر دراستين هذا الأسبوع من الأوراق البحثية في مجلة “ذا بلانيتري ساينس جورنال”، لإلقاء نظره فاحصة على هذه الجسيمات الدقيقة، والتي يطلق عليها “سحابة زودياكالية”، وهو المصطلح الجماعي لهذه الجسيمات.
ويقول جامي سزالاي، الباحث المشارك في علوم الفيزياء الفلكية في جامعة برينستون والمؤلف الرئيسي لإحدى الأوراق البحثية: “كل نظام شمسي له سحابة زودياكالية، وعلينا في الواقع استكشاف منطقتنا وفهم كيفية عملها، وفهم تطور وديناميكيات هذه السحابة الخاصة بنا، وهذا سيسمح لنا بفهم أفضل لكل ملاحظة رأيناها حول أي نظام شمسي آخر”.
وتبدد السحابة الزودياكالية ضوء الشمس بطريقة يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ولكن فقط في الليالي المظلمة والصافية للغاية، حيث يتفوق ضوء القمر أو ضوء المدن عليه بسهولة، وتبدو هذه السحابة، وهي الأكثر ثخانة بالقرب من الشمس والأقل سُمكًا بالقرب من حواف النظام الشمسي، ناعمة للعين المجردة، لكن الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء تكشف عن خطوط وأشرطة لامعة يمكن إرجاعها إلى مصادرها، وهي المذنبات والكويكبات.
وباستخدام البيانات من مدارات المركبة الفضائية “باركر سولار بروب”، جنبًا إلى جنب مع النمذجة الحاسوبية لحركة الجسيمات في النظام الشمسي الداخلي، قام سزالاي وزملاؤه بفك تشابك تلك الخطوط والأشرطة ليكشفوا عن مجموعتين مختلفتين من الغبار في السحابة الزودياكالية، وهي الحبيبات الصغيرة التي دائمًا ما تتصاعد ببطء نحو الشمس على مدى آلاف إلى ملايين السنين، والمعروفة باسم النيازك ألفا؛ وبعد ذلك، عندما تزداد كثافة السحابة الدوامة، تصطدم الحبيبات الأكبر وتنتج شظايا أصغر حجمًا تُعرف باسم “نيازك بيتا” والتي يتم دفعها بعيدًا عن الشمس بسبب ضغط ضوء الشمس.
ويقول سزالاي: “عندما تصبح الشظية صغيرة بما يكفي، يكون ضغط الإشعاع- ضوء الشمس- قويًا بما يكفي لإخراجها من النظام الشمسي، وهذا ما ساعدتنا في إثباته الآداة FIELDS”.
ويضيف هارالد كروجر، من معهد بلانك لأبحاث النظام الشمسي والمؤلف المشارك بالدراسة: “توفر لنا هذه الآداة نافذة جديدة لدراسة جزيئات الغبار التي تحركها أشعة الشمس بالقرب من منطقة مصدرها”.