لم أتوقع للحظة أن يقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان يتم تكليفه تشكيل الحكومة ليعود ويعتذر عن التأليف، وهذا ما دفعني للجزم ان حكومة ميقاتي الثالثة ستولد حتمًا، بالإضافة إلى معطيات عدة ومعلومات جُمعَت من داخل البلاد ومن خارجها، ومن نتائج زيارة ملك الأردن إلى الولايات المتحدة الأميركية ومطالبته الرئيس الأميركي السماح بمرور الغاز المصري أو الكهرباء (الأردني) عبر سوريا في ظل قانون قيصر، ومن مسار سفينة “إنظروا إليها تنطلق” من إيران إلى سوريا، ومن لهفة الرئيس الفرنسي لتحسين اقتصاد بلاده من بوابة إيران والعراق ولبنان، ومن إصبع السفيرة الأميركية الذي أعطى الضوء الأخضر الأميركي، ومن انفجار قنبلة رفع الدعم في وجه حسّان ذياب، العبقري فوق العادة، الذي تسبب بمآسي اللبنانيين ودمّر اقتصادهم لدزينة من السنوات المقبلة بعد أن أخرج لبنان عن سكة المنظومة المالية الدولية خدمةً للأجندة الإيرانية.
اليوم تقف حكومة نجيب ميقاتي على مفترق طُرق، فإما أن تكون حكومة الفرصة التي تنتشل لبنان من جهنم السياسات التدميرية، أو تكون امتدادًا طبيعيًّا لحكومة الجرصة السيئة الذكر، وهذا ما لا يرغب فيه أي لبناني يخاف على مصلحة وطنه بعيدًا عن سياسة “خُلِقْتُ لأعترض”.
وعليه، يتوقف نجاح حكومة ميقاتي من عدمه على السياسة التي ستعتمدها الحكومة، وتحديدًا على سياستها الخارجية تجاه المجتمعين العربي والدولي، وعلى قدرتها على تنفيذ بعض الشروط هنا أبرزها: me
أولًا: بيان وزاري خفيف الظلّ، مختصر ومفيد، يحاكي أساس الأزمة الاقتصادية بوضوح ويلتزم بسياسة خارجية سليمة، كفيلة بإعادة لبنان إلى حضنه العربي، واستعادة علاقاته الدولية، والالتزام بتحييده الفعلي عن صراعات المحاور.
ثانيًا: طاولة حوار وطني يدعو إليها رئيس الجمهورية فور نيل الحكومة الثقة، تستكمل ما وصل إليه أخر اجتماع سنة 2014 وتناقش أولًا الاستراتيجية الدفاعية لإقرارتها، ووضع الحد النهائي لأي سلاح غير شرعي واستعادة الأمرة على السلاح للدفاع عن لبنان إلى كنف الجيش اللبناني حصرًا.
ثالثًا: رفع الدعم الكلّي فورًا عن المواد المدعومة كافة، بالتزامن مع بطاقة تمويلية يحصل عليها كل من يرغب من اللبنانيين من دون أي استثناء..
رابعًا: البدء سريعًا بإصلاحات جذرية مقنعة للشعب اللبناني أولًا، تحاكي تطلعات البنك الدولي WB وتتناسب مع شروط صندوق النقد الدولي IMF.
خامسًا: إيلاء جريمة العصر (تفجير 4 اب) اهتمامًا حكوميًا خاصًا وعدم تغطية أي مخلوق ورفع الحصانة أيًّا كان شكلها عن كل من يطلب المحقق العدلي الاستماع إليه بصفة شاهد أو مقصِّر أو مدّعى عليه.
سادسًا: بدء التحضير للاستحقاقات المقبلة، (الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية) وعدم الرضوخ تحت أي ظرف لرغبة البعض في تأجيل أي استحقاق دستوري ولو لدقيقة واحدة.
سابعًا: السعي الدؤوب بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة انطلاقًا من اتفاق الطائف. والذي يعطي فعلًا أوسع الصلاحيات للمناطق، ويبقيها ضمن الدولة الواحدة الموحدة بعيدًا من أي منحى تقسيمي.
ثامنًا: السير سريعًا نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص PPP واعتماد نظام الـ B.O.T لبناء معامل الكهرباء وتشغيلها، وإعادة إعمار مرفأ بيروت.
تاسعًا: الاستفادة من الوضع السياسي الراهن وإيجاد حل جذري لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم آمنين.
عاشرًا: العودة إلى الآلية المعتمدة سابقًا في التعيينات (2008-2014)، أي اختيار الوزير المختص أفضل ثلاثة أسماء ضمن معيار الكفاءة والنزاهة والشفافية وتقديمهم إلى مجلس الوزراء لكي يختار بدوره من يراه مناسبًا بالتصويت في حال تعذَّر التوافق.
المصدر ليبانون ديبايت