كتب اسكندر خشاشو في “النهار”:
شُكّلت الحكومة وأضحت أمراً واقعاً، وسيبدأ الوزراء استلام مهامهم وسط كمّ هائل من التحدّيات على الصعد كافة. وفي جوجلة سريعة للأسماء، يتبيّن أنّ الوزراء منتمون إلى الأفرقاء السياسيين بشكل واضح.
المقرّبون من رئيس الجمهوريّة ميشال عون، ومن “التيّار الوطنيّ الحرّ” هم: وزير الدفاع موريس سليم، وزير الخارجيّة عبدالله بو حبيب، وزير العدل هنري خوري، وزير الشؤون الاجتماعيّة هيكتور حجّار، وزير الطاقة وليد فيّاض، وزير السياحة وليد نصّار، يضاف إليهم وزير شؤون المهجّرين عصام شرف الدين، المنتمي إلى الحزب الديموقراطيّ برئاسة إرسلان، ووزير الصناعة جورج بوشكيان المنتمي إلى حزب الطاشناق (حلفاء عون).
أمّا الحصّة الميقاتيّة – الحريريّة، فتألفت من وزير الداخليّة بسّام المولويّ، والاقتصاد أمين سلام والصحّة فراس الأبيض والبيئة ناصر ياسين.
يُعتبر وزير التربية عبّاس الحلبيّ مقرّباً من الحزب التقدّمي الاشتراكيّ، في حين يحظى الوزيران جوني قرم، وجورج قرداحي، ببركة “تيّار المردة”، ويُعدّ نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي مقرّباً من “السوري القومي الاجتماعي”.
أمّا الثنائيّ الشيعيّ فنال الحصّة الآتية: وزير المال يوسف خليل (أمل)، وزير الأشغال علي حميّة (#حزب الله)، وزير الزراعة عبّاس الحاج حسن (أمل)، وزير العمل مصطفى بيرم (حزب الله)، ووزير الثقافة محمد مرتضى (أمل).
يبقى اسما وزيرة التنمية الإداريّة نجلا رياشي، والسياحة جورج كلّاس من دون إعلان واضح عن الانتماءات، ففي حين أشارت مصادر الى أنّ رياشي مقرب بشكل كبير من رئيس الجمهورية، نفت مصادر أخرى هذا الأمر، مذكّرة أنّ ميقاتي هو من طرح زوجها السفير بطرس عساكر لتولّي وزارة الخارجيّة وعون رفضه.
أمّا بالنسبة إلى الوزير كلّاس فهو نقطة تقاطع بين عون وبرّي، ويصحّ تسميته بالوزير الملك، كما يرى مراقبون.
وبحسابات بسيطة، يظهر أنّ رئيس الجمهوريّة نال تقريباً “الثلث” المعطّل.
ورغم التبريكات من الرئيسين #سعد الحريري وتمام سلام، عبّرت مصادر عن عدم رضاها بالكامل عن التشكيلة، وعن بعض الأسماء، مشيرة إلى أنّها تحوي “ثلثاً معطّلاً” بشكل مستتر.
ولكنّها أشارت إلى أنّ هذا الموضوع لن يؤدّي إلى حجب الثقة عن الحكومة التي توقّعت أن تكون كبيرة، مشدّدة على أنّ نجاح الحكومة وعدم عرقلتها ستكون “مرتبطة بأداء الوزير جبران باسيل الذي بقي له التأثير الكبير على الحكومة”.
وبالعودة إلى أعضاء الحكومة، فيمكن تسجيل عدد من الملاحظات:
– وجوه اقتصاديّة وعلى علاقة مع المؤسّسات الدوليّة التي تتابع الأمور النقديّة، والمؤسسات المانحة، وصندوق النقد الدوليّ، والبنك الدوليّ. وحملت الحكومة الجديدة أسماء عديدة بخلفيّة اقتصاديّة كبيرة نذكر منها: نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، وزير الطاقة وليد فيّاض، السياحة وليد نصّار والاقتصاد أمين سلام والبيئة ناصر ياسين والاتّصالات جوني قرم والمال يوسف خليل ووزير الأشغال علي حميّة.
– وجوه شبابيّة: فقد ضمّت حكومة ميقاتي عدداً كبيراً من الشباب، بمجملهم حاملو شهادات عالية ومؤهّلات علميّة محترمة.
– وجوه إعلاميّة: في الحكومة الحاليّة وجهان إعلاميّان معروفان هما وزير الإعلام جورج قرداحي الإعلاميّ ومقدّم البرامج الشهير، ووزير الزراعة عبّاس الحج حسن، الصحافيّ ومقدّم نشرات الأخبار في محطّة “فرانس 24″، إضافة إلى عمله السابق في عدد من القنوات والوكالات الإخباريّة الدوليّة، ويمكن ضمّ الدكتور جورج كلّاس لهما، الذي عمل في الحقل الإعلاميّ عبر موقعه كأستاذ محاضر في كليّة الإعلام والتّوثيق – الجامعة اللبنانية، وشغل موقع مدير كليّة الإعلام والتوثيق – الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني سابقاً.
– جنسيات أوروبيّة: يحمل عدد من الوزراء جنسيّات أخرى إضافة إلى جنسيّاتهم اللبنانية، وأغلبها أوروبيّة، وبدا لافتاً أنّ الوزير الأساسيّ لـ”حزب الله” في الحكومة أي وزير الأشغال علي حميّة يحمل الجنسيّة الفرنسيّة.
– حكومة بخيلة في التمثيل النسائيّ: من أصل 24 وزيراً لم تضمّ الحكومة الجديدة سوى وزيرة واحدة، وهي وزيرة التنمية الإداريّة نجلا رياشي و23 رجلاً.
– أسماء سنيّة لافتة: لاقى اسما فراس الأبيض وناصر ياسين ترحيباً كبيراً، خصوصاً الأبيض الذي قدّم “أنموذجاً فريداً” في إدارة مرفق عام، إضافة إلى شخصيّة ياسين الأكاديميّة البحثيّة المقرّبة من الشباب.
– سفراء وقضاة وضابط: تضمّ الحكومة الجديدة أيضاً قاضيين، وزير الداخليّة ووزير الثقافة، وسفيرين، وزير الخارجيّة ووزيرة التنمية الإداريّة، وضابطاً واحداً هو وزير الدفاع.
وفي المحصّلة، ولدت الحكومة بعد ضغط دوليّ هائل، ومهّد لولادتها بشكل أساسيّ اتّصال هاتفيّ مطوّل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كما أنّها لا تراعي بأيّ شكل من الأشكال المواصفات التي كانت وُضعت إبّان إطلاق المبادرة الفرنسيّة الشهيرة، يوم زار الرئيس الفرنسيّ ماكرون لبنان، حين كان الحديث عن حكومة مصغّرة من الاختصاصيين المستقلّين غير الحزبيين، فانتهت حكومة ميقاتي إلى حكومة تعكس تمثيل كلّ القوى السياسيّة. فكانت في قدر كبير تمثّل واقع القوى السياسيّة الحاليّ، وانعكاساً للقوى السياسيّة الحزبيّة والطائفيّة.
وفي احتساب موازين القوى، فإنّ تحالف قوى الثامن من آذار بقيادة “حزب الله” الاستراتيجيّة، ما يزال يتمتّع بنفوذ وازن في الحكومة، قادر على التحكّم في قرارها. أي معطى آخر يجب أن تثبته الأفعال والأيّام الآتية مع استحقاقاتها المهولة والوجوديّة!