خاتمة عهد عون لا تكمن في بروز ظاهرة التوتر الذي طبعت كل نهايات العهود الرئاسية بعد الاستقلال مع بعض الاستثناءات بل بكونها تؤشر لحقبة عصيبة تهدد مصير لبنان ووجوده وكيانه ، فكل دروب الازمات المستعصية تنذر بمعارك طاحنة بين القوى السياسية وستفضي حكما إلى مؤتمر تأسيسي أو البحث الجدي في عقد اجتماعي جديد.
التيار الوطني الحر يخوضها معركة وجودية بوجه ما يسميها” المنظومة الحاكمة”بعدما افرغ ما في جعبته من كل التسويات والتفاهمات التي ادت إلى بلوغ عون سدة الرئاسة، و بالتالي لا بد من خوض مواجهات عنيفة عند بلوغ العهد عامه الاخير باعتبارها السبيل الوحيد لتحصيل ما أمكن من أوراق داخل تركيبة السلطة وفي الشارع.
من هنا، تتصاعد الدعوات داخل التيار والكتلة النيابية العونية بالاستقالة والعودة إلى الجذور ايام قصر الشعب، و هو ما يعتبر الخيار الوحيد أمام الاستعصاء السياسي وبلوغ الازمة حدودا غير مسبوقة، لكن دون ذلك عقبات كثيرة ليس اقلها حجم التصدعات التنظيمية والشعبية داخل التيار الوطني ، و من غير الممكن القفز فوقها وتجاوزها عبر غبار المعابر السياسية المحتدمة.
يحاول باسيل التمظهر بحالة التمرد على الطبقة السياسية واعتماد خطاب الجنرال ميشال عون ايام الحكومة العسكرية المؤقتة في قصر بعبدا مع اختلاف المواقع بكونه رئيس التكتل المسيحي الأول نيابيا ، لكن هذا الأداء يفتقر إلى الواقعية كون تجربة باسيل السياسية صنعها بصفته ممثلا لعون الزعيم المسيحي مقرونة بوجوده في السلطة.
المعضلة الأهم امام باسيل هي في كونه سيفقد عند نهاية عهد الرئيس عون حظوة التوقيع الرئاسي دون تحقيق إنجازات تشكل منطلقا لمستقبله السياسي والرئاسي ، فالعقوبات الأميركية يمكن تجييرها في الداخل والخارج وانتظار تغييرات إقليمية تصب في إعادة تعويمه، لكن هناك تفكك الدولة ووصولها إلى الحضيض. كما لا يمكن الركون إلى سلطة تضمحل وتتلاشى،وبالتالي، وفي ظل حدة التناقضات، ما من سبيل متاح أمام باسيل حاليا سوى التصعيد السياسي وخوض المواجهات كونها السبيل الأضمن للاستمرارية في ظل هذه الظروف الملتهبة.