معركة تشكيل الحكومة العتيدة لا يخوضها فريق ضد آخر، بل هي تدور فعلياً بين فريق واحد من جهة، وكل الأفرقاء معاً من الجهة الأخرى. الفريق الواحد هو “الفريق الرئاسي” المؤلف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكلٍ من التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي اللذين يرأسهما النائب جبران باسيل، أما الخصم فهو فريق “كل الأفرقاء” الذي جمع كل القوى السياسية القلقة أو المتوجسة من نهج الرئيس “القوي” و/أو من احتمال فوز المرشح “الأقوى” بكرسي بعبدا.
اللافت في هذه المعركة، التي بدأت منذ سنة وشهر، مع إقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وتخلّلها قبل تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تجرّع رئيسين مكلًّفين كأس الاعتذار، والتي ما يزال أمامها سنة وشهر أيضاً في حال استمرت المعركة حتى نهاية ولاية الرئيس عون، ورغم التفوق العددي “الحزبي والنيابي” للفريق الخصم، هو أن فريق “كل الأفرقاء” ضعيف الأداء وقليل الحيلة أمام “الفريق الرئاسي”.
ما زاد من ضعف فريق “كل الأفرقاء”، كان إصراره، والرئيس المكلّف منه، على مقابلة العناد بالعناد المضاد، فلو كانت العقلانية والدستور مصدر قوة هذا الفريق “المتعدد” لما كان في موقع العجز المتمادي عن الإنقاذ، ولا كان الشعب اللبناني في موقع الضحية الدائمة بسببهم.
أما وهن لاعبي فريق “كل الأفرقاء”، فيتمثل في أنهم يخافون مواجهة النائب باسيل رغم أنه “أعزل”، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
– باسيل “شبه” أعزل، لأن حصوله على الثلث المعطِّل، ولو بشكل غير مباشر، سيكون مؤقتاً، إما حتى الاستحقاق النيابي بعد بضعة أشهر، وفي حال تأجيله فحتى الاستحقاق الرئاسي بعد سنة وشهر، إلا إذا كانت لدى فريق “كل الأفرقاء” نيّة إيقاع البلد في الفراغ الرئاسي مجدداً.
– باسيل أعزل، لأنه لا يملك قدرة “خفية” على انتزاع حجم نيابي أكبر من حجمه النيابي الحالي، خلال الانتخابات النيابية المقبلة، في حال جرت، حتى لو كان حاصلاً على الثلث المعطِّل.
– باسيل أعزل، لأنه تحت العقوبات الأميركية، وإن رفعت، سيبقى أعزلاً من تأييد ودعم وتصويت الكتل النيابية التي تمثل فريق “كل الأفرقاء”، ما يعني ويؤكد أن حظوظ باسيل بالوصول إلى قصر بعبدا رئيساً للجمهورية شبه معدومة، إن لم تكن معدومة فعلاً.
في المحصلة، فريق “كل الأفرقاء” بلا حيل ولا حيلة، أما النائب جبران باسيل فهو “أعزل” إلا من ذكائه وطموحه.
فهل لفريق “كل الأفرقاء” أن يتوقف عن تصوير النائب باسيل وكأنه “راجح”، وأن يسعى للتزوّد بالقليل من ذكاء وطموح غريمه باسيل، شرط أن يستعملهما لإنقاذ الشعب اللبناني؟