كتب ألان سركيس في ” نداء الوطن”:
لا تزال الإتصالات والوساطات تفعل فعلها وهي التي تُثني الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي عن تقديم إعتذاره والصبر حتى الرمق الأخير.
لا شكّ أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أثبت أن الرئيس لا يزال يتمتّع بالصلاحية الأهم وهي التوقيع على تأليف حكومة، لكن هذه الصلاحية يجب أن تستعمل في الزمان الصحيح والوجهة الصحيحة لأن البلاد لم تعد تحتمل المزيد من التعطيل.
وفي السياق، فإن المشكلة كما هو ظاهر داخلية بامتياز وسببها الأساسي “التناتش” على الحصص والأحجام، لكن في باطنها تتمثّل بغياب العصا الإقليمية والدولية.
ويُنقل عن “حزب الله” حماسته لتأليف حكومة اليوم قبل الغد وبرئاسة ميقاتي لأنه يرتاح للعمل معه، وكانت له تجربة في حكومة 2011، لذلك فإنه يكثّف وساطته مع عون ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، لكن هذا الإصرار لن يصل إلى حدّ ضرب علاقته بعون وباسيل بل يدعو ميقاتي إلى إكمال مهامه والصبر.
ومن جهة أخرى، فإن الجانب الفرنسي يضغط من أجل ولادة حكومة جديدة وهو يقوم بالإتصالات اللازمة لتذليل العقبات لكنه يصطدم بنفس الشروط التي أعاقت تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري.
وإذا كان الجانب الروسي يضغط هو الآخر من أجل التأليف، فإن الموقف الأميركي مؤيّد لهذا الأمر، وذلك كي يبقى لبنان بمنأى عن العواصف الإقليمية والدولية، لكن الجانب الأميركي لا يريد حكومة يسيطر عليها “حزب الله”.
ويكثر الحديث عن أن المملكة العربية السعودية لا تريد حكومة وهي التي تُفرمل إندفاعة ميقاتي بسبب غضبها على العهد و”حزب الله” من جهة وأيضاً بسبب عتبها الكبير على الشخصيات السنية وعلى رأسهم أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين.
وفي السياق، تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف السعودي لـ”نداء الوطن” أن كل الكلام عن عرقلة سعودية لمهمّة ميقاتي لا أساس له من الصحة.
وتشدّد على عدم وجود “فيتو” سعودي على ميقاتي، ولو كان هذا الأمر موجوداً لما كان أطل ميقاتي عبر الإعلام السعودي منذ فترة قصيرة، وبالتالي فان الرياض تتعامل مع ميقاتي على أنه رئيس حكومة مكلّف.
وتلفت المصادر الى أن المملكة إتخذت قرارها الشهير وهو التعامل مع كل الأطراف اللبنانية بالتساوي وهي لا تدعم فريقاً على حساب آخر، ولذلك فان أي رئيس حكومة قد يكون متقدّماً سنياً بين متساوين.
وتشير المصادر إلى أن الرياض لا تتعاطى بملف التأليف وهي تراقب الوضع عن بعد وليس لديها أي مطالب، لذلك ربما تكون الضبابية السعودية هي ما يدفع البعض إلى تأويل الموقف السعودي وتحميله اكثر مما يحتمل. ومن جهة اخرى، فان الموقف السعودي بات واضحاً، فاذا لم تضع “فيتو” على ميقاتي، فان هذا الأمر لا يعني التسليم بسيطرة “حزب الله” على القرار اللبناني، لكن الليونة السعودية تذهب باتجاه ترك كل فريق يأخذ خياراته السياسية.
وتدفع الواقعية إلى التفكير ان أي حكومة ستتألف لن تنال الدعم السعودي، فزمن الرئيس رفيق الحريري إنتهى، وأي مساعدة مشروطة بإصلاحات، في حين ان سياسة ولي العهد محمد بن سلمان تغيرت، فأولويته اليمن من ثم العراق وبعدها سوريا ويأتي لبنان في أسفل سلّم الأولويات.