إتفق الرئيسان الإيراني إبراهيم رئيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد 5 أيلول 2021، على فتح صفحة جديدة للتعاون الثنائي والإقليمي بين البلدين، وذلك في ثاني اتصال هاتفي لافت بينهما خلال أقل من شهر.
حيث ذكر بيان عن الرئاسة الإيرانية أن رئيسي وماكرون بحثا خلال اتصال هاتفي العلاقات بين البلدين، وناقشا إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، والتطورات في لبنان وأفغانستان.
البيان أضاف أن ماكرون أعرب لرئيسي عن رغبة فرنسا في تعزيز علاقاتها مع إيران، وأكد رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية.
في حين أكد رئيسي أن بلاده لا تعارض المفاوضات التي تعود عليهم بـ”الفائدة”، مستدركاً: “لكن أجندة المفاوضات ونتيجتها يجب أن تؤدي إلى رفع العقوبات عن إيران؛ فالتفاوض من أجل التفاوض نعتبره دون جدوى”.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي أن بلاده ستدعم حكومة تتشكل بإرادة الشعب الأفغاني، مشدداً ضرورة التزام حركة طالبان بقضايا كحقوق الإنسان والمسؤوليات الدولية.
كما أعرب ماكرون عن أهمية التعاون الفرنسي-الإيراني مع حزب الله اللبناني لتشكيل حكومة قوية وفاعلة في هذا البلد، وفق بيان الرئاسة الإيرانية.
بدوره، أعرب رئيسي عن ترحيبه بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إيران وفرنسا، لافتاً إلى استعداد بلاده لبدء علاقات شاملة مع أوروبا انطلاقاً من فرنسا.
فيما ذكر أن “الاستقلال السياسي لإيران وفرنسا يشكل حتماً رصيداً قيماً لإقامة علاقات متوازنة وقوية ومستدامة بين البلدين، ومصالحنا المشتركة تستدعي منع تدخل العوامل الخارجية في هذه العلاقات”.
الرئيس الإيراني أشار إلى أن تشكيل حكومة قوية في لبنان ممكن عبر دعم إيراني وفرنسي ودعم حزب الله اللبناني.
بينما اتهم رئيسي أمريكا بتأسيس ودعم تنظيم “داعش”، مطالباً واشنطن بتحمل المسؤولية أمام الرأي العام العالمي بسبب “دعم الإرهاب الجديد”، على حد قوله.
كان رئيسي قد أعلن، السبت 4 أيلول 2021، أن إيران مستعدة لإجراء محادثات مع القوى الغربية لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لكن ليس تحت “ضغط” غربي، مطالباً بضرورة أن تنتهي المحادثات مع الغرب برفع العقوبات الأميركية عن الشعب الإيراني.
إذ قال رئيسي، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي أذيعت على الهواء مباشرة: “الغربيون والأميركيون يسعون وراء محادثات مع الضغط.. لقد أعلنت بالفعل أننا سنجري محادثات بناءً على أجندة حكومتنا، لكن ليس تحت ضغط”.
مضى قائلاً: “المحادثات على جدول الأعمال.. نسعى من أجل مفاوضات تفضي إلى تحقيق الهدف، وهو رفع العقوبات عن أمتنا”، مشيراً إلى أن طهران “لا تخوض المفاوضات من أجل التفاوض فقط، ولن نتراجع عن مصالح الأمة الإيرانية في المفاوضات”، مشدّداً على أن “ممارسة الضغوط والتهديدات والعقوبات لا تتطابق مع مبدأ الحوار”.
يشار إلى أن المحادثات الأميركية-الإيرانية غير المباشرة توقفت في العاصمة النمساوية فيينا منذ انتهاء الجولة الأخيرة في 20 حزيران الماضي، عندما كانت الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة الرئيس إبراهيم رئيسي، تستعد لتولي مقاليد الحكم رسمياً.
جدير بالذكر أن البرلمان الإيراني وافق مؤخراً على منح الثقة للحكومة التي اقترحها إبراهيم رئيسي، باستثناء وزير واحد، المرشح لوزارة التربية والتعليم حسين باغول، وذلك بعد مناقشات استمرت 5 أيام.
هذه الحكومة الجديدة لقيت انتقاداً من بعض النواب؛ لخلوها من النساء والأعضاء السُّنة.
كذلك تأتي تلك التصريحات الإيرانية بعد يومين من قول المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، إن إدارة الرئيس جو بايدن “لا يمكنها الانتظار إلى الأبد” حتى تقرر إيران استئناف المحادثات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي.
حيث ذكر مالي، الجمعة، خلال مقابلة أجراها مع وكالة “بلومبيرغ” الأميركية: “لا يمكننا الانتظار إلى الأبد بينما تواصل إيران تقدمها النووي، لأن تقدمهم في مرحلة ما سيجعل العودة إلى الاتفاق النووي أقل قيمة بكثير للولايات المتحدة”، غير أنه أضاف أن بلاده “مستعدة للتحلي بالصبر”.
كان مالي، الذي كلفه بايدن بإعادة التزام الولايات المتحدة في الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، قال في آب الماضي، إن المتغيرات المجهولة في المباحثات تتعلق بتصرفات الإيرانيين.
كانت فرنسا وألمانيا قد دعتا طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد توقف المحادثات في أعقاب الانتخابات الإيرانية الأخيرة، حيث تدعو باريس لاستئناف المحادثات فوراً وسط قلق الغرب من توسيع إيران أنشطتها النووية.
فقد عبّرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا الشهر الماضي عن قلقها البالغ إزاء تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت أن إيران أنتجت لأول مرة معدن يورانيوم مخصباً بدرجة نقاء انشطاري تصل إلى 20% ورفعت الطاقة الإنتاجية لليورانيوم المخصب إلى 60%.
بينما تؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي، وأنها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنشطتها، وأنها مستعدة للعودة عن الخطوات التي اتخذتها بعيداً عن اتفاق 2015 إذا عادت الولايات المتحدة للاتفاق ورفعت العقوبات.