بالرغم من الأزمة المستشرية في البلاد والبؤس والعوز والذلّ وحالة القرف التي يعيشها الشعب اللبناني، تصرّ الأكثريّة النيابيّة على رأسها الثنائي “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، أن تقود البلاد إلى مطبات سياسيّة كبيرة ومخاطر جمّة غير آبهة بمصير العباد.
فمن جهّة مسألة استيراد النفط من إيران التي تتفاعل على أعلى المستويات الدوليّة، ومن جهّة أخرى مسألة تعطيل تشكيل الحكومة التي تتفاعل أوروبياً بشكل أساسي أيضاً.
وفي هذا الإطار، لفتت أوساط سياسيّة إلى ان ثنائي “حزب الله– التيار الوطني” ، يتحمّل مسؤوليّة كل ما ستتكبّده البلاد من انتكاسات سياسيّة واقتصاديّة إضافيّة بسبب تعنّت الأول باستيراد النفط من إيران ، في حين أن القاصي والداني يعلم تماماً أن هذه الخطوة لن تفيد الشعب اللبناني بشيء باعتبار أن الكميّة المستوردة أولاً ليست كافية لتغطية النقص الحاد في السوق، كما أن هذه الخطوة ثانياً من الممكن أن تعرّض لبنان إلى عقوبات دوليّة جراء قانون “قيصر” ونحن في مرحلة “لا تهز وواقف على شوار” لا يمكننا تحمّلها إقتصادياً ومن شأنها أن تودي بالبلاد إلى الإفلاس والإنهيار الكامل.
وشددت الأوساط على أن إصرار الحزب على القيام بهذه الخطوة مريب جداً، فهو من الواضح يهدف إلى مسألة مهمّة جداً بالنسبة له من ورائها في الخلفية، وهذه المسألة لها شقين: الأول هو مالي بحت بحيث أن “حزب الله” بشكل أو بآخر يُدخل المال الإيراني إلى يديه في لبنان بهذا الشكل فهو سيقوم ببيع المحروقات في السوق اللبنانيّة وتقاضي ثمنها ومن المرجّح أنه سيقوم بالإحتفاظ بهذه الأموال لديه من ضمن ميزانيته السنويّة التي يتلقاها من طهران، وفي هذه الحال يكون تحوّل إلى تاجر محروقات يقوم ببيع بيئته الحاضنة ما تحتاجه كحلّ للأزمة التي أوقعها ولبنان بها، من أجل تأمين موارد ماليّة، الأمر الذي يدلّ بشكل واضح على أن “حزب الله” يقوم بالمحاضرة بالعفّة ويقول إنه يريد حل مشكلة الناس إلا أنه في حقيقة الأمر لا يعدو كونه يقوم بالمتاجرة بذلّ الناس وأوجاعها خصوصاً في بيئته.
وأوضحت الأوساط أن المسألة الثانية للحزب هي أنه عبر هذه الخطوة سيقوم بتأمين مخرون من الوقود، هو استراتيجي وعسكري له في لبنان، لأن الكميات تدخل من دون حسيب ولا رقيب عليها و عبر هذه العمليّة يكون قد تزوّد بهذا المخزون العسكري الإستراتيجي تحت ستار تأمين الوقود للناس.
وخلصت الأوساط إلى أن محصّلة المسألتين تدلّ على أن الحزب بأمسّ الحاجة لمخزون من الوقود استراتيجي، وكان يبحث عن الحجّة من أجل استقدامه بأسرع وقت ممكن من إيران، فعمد إلى توظيف الأزمة من أجل محاولة تشريع تمرير البواخر النفطيّة القادمة له، وقام بضرب عصفورين بحجر واحد عبر الإتيان بكميّة أكبر حيث سيعمد إلى بيع الفائض من مخرونه الإستراتيجي إلى الناس وبسعر السوق، من أجل جني الأرباح والتقليل من كلفة هذا المخرون بالنسبة له وفي هذه الحال يكون الجميع رابحاً، فالحزب حصل على المخزون الإستراتيجي ولم يتكبّد الكلفة كاملة بحكم بيع الفائض وجني الأرباح”، بالإضافة إلى تمرير قسم من ميزانية الحزب السنويّة عبر هذه الطريقة.
أما بالنسبة لموضوع الحكومة، فقد رأت الأوساط أن “التيار الوطني الحر” وبعدما التزم حليفه “حزب الله” استجرار العقوبات الدوليّة على لبنان، أخذ على عاتقه موضوع استجرار العقوبات الأوروبيّة بدلاً من استجرار الطاقة التي لم يجد لها سبيلاً في الـ12 سنة الماضية.
فبعد تجربة الرئيس نجيب ميقاتي أصبح من الواضح أن “التيار” لا يريد حكومة والسبب من الممكن أن يكون طويل الأمد ولا علاقة له بالإنتخابات النيابيّة أو بالثلث المعطّل أو بأي حقيبة أو وزارة أو موازين قوى، وإنما محاولة فرض بقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، حيث بدأنا نسمع من هنا وهناك من يقولون إن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها استلام زمام السلطة التنفيذيّة في حال انتهاء ولاية الرئيس وبالتالي يصبح من واجب الرئيس، البقاء في القصر حتى تشكيل حكومة جديدة أو إجراء الإنتخابات الرئاسيّة، وفي ما يلي تكمن القطبة المخفيّة الكبيرة وهي أنه في حال صحّت هذه الأقاويل فإنه في هذه الحال يكون “التيار الوطني الحر” يمعل على تطيير الإنتخابات النيابيّة المقبلة بشكل أو بآخر من أجل إبقاء المعادلة البرلمانيّة على حالها ، الأمر الذي من شأنه أن يؤمن استمرار تشكيل أي حكومة أصيلة وبالتالي تحقيق حلم الجنرال بالبقاء في القصر حتى الوفاة
“ليبانون ديبايت” – بولس عيسى