أسعار الدولار في السوق السوداء تستعد لتجاوز عتبة العشرين ألف ليرة، دولار منصة «الصيرفة» التابعة لمصرف لبنان إرتفعت من ١٢ إلى ١٦ ألف ليرة، دولار المحروقات تضاعف مرتين وأصبح ٨ آلاف ليرة، دولار الدواء يجري البحث في رفعه، وهكذا دواليك، كل أسعار العملة الخضراء تغيرت إرتفاعاً بإستثناء دولار المودع المسكين الذي مازال يسحب دولاره قسرًا بالليرة وبسعر ٣٩٠٠ ليرة فقط!
قبل عام ونيف حدد البنك المركزي سعر دولار المودع ، كان الدولار في السوق السوداء بحدود سبعة آلاف ليرة تقريبًا، وكانت أسعار السلع الغذائية في بداية تصاعدها، الذي ضربته موجات الجنون لاحقًا، وضاعفته عدة مرات، وكان البنك المركزي يدعم أكثر من ٣٥٠ سلعة غذائية ودوائية فضلاً عن المازوت والبنزين والكهرباء، الأمر الذي يسّر على صغار المودعين حياتهم اليومية، وساعدهم على تأمين حاجياتهم الضرورية.
أما اليوم ، بعد رفع الدعم عن معظم السلع الغذائية، والارتفاعات المضطردة لأسعار المحروقات، والتي تمهد لرفع الدعم كلياً عنها، لا يجوز أن يبقى صغار المودعين، ومعظمهم من الذين أودعوا جنى عمرهم، وحصيلة تقاعدهم في المصارف على قاعدة «خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود»، فكان أن جاء اليوم الموعود بسواده المظلم وطار القرش الأبيض في غياهب الإجراءات المصرفية الهمايونية.
وبقدر ما يعتبر تعديل سعر الصرف للمودعين حقًا طبيعيًا، لتمكينهم من تأمين العيش الكريم، ولو بحده الأدنى، فإن هذا التدبير من شأنه أن يضخ كمية من السيولة في السوق، تساعد على تحريك الأسواق التجارية، كما يُمكّن بقايا طبقة الموظفين والمتقاعدين من تأمين أدويتهم بالأسعار الجديدة، فضلاً عن مواجهة الإرتفاع التدريجي لأسعار المحروقات، وفواتير أصحاب المولدات التي تخطّت المليون.
من حسن حظ المصارف، وقبلهم أهل الحكم، أن المتبقين من أصحاب الودائع هم من أصحاب الكرامات، ومعظمهم من الأكثرية الصامتة، ويؤثرون العض على الأصابع وشدّ الأحزمة، على النزول إلى الشارع والتعرض للبهدلات في دولة تضع جيشها والقوى الأمنية بمواجهة شعبها.
ولكن على حكّام آخر زمان أن يتقوا شر الحليم إذا غضب!
إرفعوا سعر دولار المودعين قبل فوات الأوان.
المصدر : اللواء