ينشط المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بصمت على خطّ تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، منذ فترة. وقد تضاعفت جهوده في اليومين الماضيين بعدما بلغ التوتّر حدّه الأقصى بين الرجلين في الفترة الفاصلة بين ما قبل اللقاء الثالث عشر في بعبدا وما بعده.
تقريباً لم يعد هناك من “ستر مغطّى” في ملف تشكيل الحكومة. الطرفان المعنيّان “دستورياً” بالمهمّة الصعبة، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، يكادان يمزّقان “مشروع” تشكيلة لم تكتمل أصلاً بالنظر إلى تباعد التوجّهات بينهما في الحقائب والأسماء وبرنامج عمل الحكومة.
وهو الواقع الذي تُرجِم بإعلانٍ من ميقاتي يوحي بأنّ رئيس الجمهورية يتصرّف وكأنّه في عصر المارونيّة السياسية حين أكّد أنّه “ليس من السهولة أن تُقنع الطرف الآخر بأنّه يوجد اتفاق الطائف ودستور جديد يعطي رئيس الوزراء الدور الأوّل في التشكيل”.
وعلى الرغم من تسريبات رئاسة الجمهورية عن ليونة تطغى على أداء الرئيس المكلّف، فإنّ عون، وباعتراف قريبين منه، يشهد على “تسلّم وتسليم” بين الحريري وميقاتي لمهمّة بهدفٍ واحدٍ: منع ولادة حكومة حتى نهاية العهد من ضمن مخطّط التدمير المنهجي وتعميم الفوضى.
ووفق المعلومات، لم يكن اللقاء الـ13 بين عون وميقاتي إيجابياً، على عكس ما أوحى البعض. خصوصاً على مستوى عِقَد الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية والاقتصاد. فيما كان لافتاً تأكيد الرئيس المكلّف في حديثه التلفزيوني إلى “الحدث” – العربية، تجاوز عقدتيْ الداخلية والعدل، وهو الأمر الذي لم يحصل.
ولم يتمّ الاتفاق خلال اللقاء بين الرجلين على موعدٍ قريبٍ يردّ فيه عون على مجمل التشكيلة الأخيرة التي قدّمها ميقاتي وتضمّنت أكثر من اسم لبعض الحقائب. مع ذلك، ذكرت معلومات مصدرها قصر بعبدا احتمال توجّه ميقاتي اليوم أو غداً إلى بعبدا.
وقد زاد الأمور تعقيداً بيان نادي رؤساء الحكومات السابقين في شأن مسؤولية رئيس الجمهورية حيال انفجار المرفأ. بيان ترك استياءً كبيراً في أروقة القصر الجمهوري، وقد تكون له تداعيات مباشرة على عملية التأليف
أمّا الموقع الإلكتروني المحسوب على الرئيس ميقاتي فلا يقصّر في الحديث عن “معاناة” الرئيس المكلّف مع بعبدا، واتّهام الفريق الرئاسي بتسريبات تحمِّل ميقاتي مسؤولية العرقلة، وبمحاولة الثنائي جبران باسيل – عون، تشكيل حكومة فيها ثلث عوني – مسيحي معطِّل للقرارات داخلها. ما يظهر بوضوح، وفق أوساط ميقاتي، من نوعيّة الأسماء التي يطرحها عون. ويصل الأمر إلى حدّ الحديث عن “غرفة عمليات عونية” لكشف هويّة المحتكرين السياسية ممّن يتمّ فضحهم في الإعلام لتأكيد مسؤوليّتهم في الانهيار الحاصل.
وقارب ميقاتي بكثيرٍ من السلبيّة إصدار مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون بلاغ البحث والتحرّي بحقّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، معتبراً أنّه سيشكّل لغماً إضافياً داخل الحكومة في حال ولادتها.
ولأوّل مرّة منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وبدء “جُلجُلة” التكليف والتأليف، تؤكّد مرجعية سياسية بارزة أنّ اعتذار ميقاتي الوارد في مرحلة لاحقة سيقفل رسميّاً الطريق على أيّ تكليف آخر، ليس فقط على خلفيّة ما يُروَّج عن “حرْم” سنّيّ سيُرفع بوجه من يَقبل التكليف بعد ميقاتي، لكن من زاوية التثبّت بالملموس بأنّ استقالة دياب فتحت عمليّاً الممرّ الأوسع نحو الفوضى الكاملة التي سترافق العهد حتى نهايته، والتي قد تكلِّف لبنان الإطاحة بالانتخابات النيابية.
وبالعودة إلى التفاصيل، يراهن ميقاتي على أنّ الرسالة الإيجابية التي مرّرها في ما يتعلّق بالباخرة الإيرانية “في ظلّ عدم وجود البديل”، كما قال، قد تدفع حزب الله إلى مزيدٍ من الضغط على حليفه عون يقود إلى تأليف حكومة في غضون أيام. مع العلم أنّ المعطيات تفيد بأنّ التواصل بين ميقاتي وحزب الله لم ينقطع طوال الفترة الماضية، والحزب يضغط باتجاه عدم اعتذار نائب طرابلس.
المصدر اساس ميديا- ملاك عقيل