كان واضحاً أن الموقف الذي أعلنه الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي في حديثه التلفزيوني الأخير أواخر الأسبوع المنصرم، والذي أكد فيه بأن الإعتذار عن تأليف الحكومة ليس وارداً في المرحلة الراهنة، لم يكن حقيقياً، على خلفية أن هذا الكلام أتى بعدما تظهّرت الوقائع غير المطمئنة لمسار المباحثات الجارية للتأليف، والتي لا تزال تراوح مكانها، إن لم نقل أنها عادت إلى المربّع الأول، بحسب مصدر نيابي معارض، والذي اعتبر أن المشهد الحكومي، وبعد مرور شهر على تكليف الرئيس ميقاتي، قد سلك مساراً مختلفاً طغت عليه ملامح السلبية أكثر من الإيجابية، ولكن مع ترحيل الحسم إلى الأيام المقبلة بعدما كان مرتقباً بالأمس.
وكشف المصدر، أن الخلاف الناشىء إثر الإشتباك الكلامي المستعر بين دار الفتوى من جهة وقصر بعبدا من جهة أخرى، بعد إصدار المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، يحمل دلالات على طبيعة المواجهة التي ستتبلور مع اقتراب موعد القرار لدى الرئيس ميقاتي، وتالياً لدى فريقه السياسي المتمثل بنادي رؤساء الحكومات السابقين.
ولذا، فإن مرحلة سياسية جديدة قد انطلقت، ولن تكون ولادة الحكومة عنوانها، لا سيما في المرحلة الحالية، بعدما باتت كل الأوراق موضوعة على الطاولة من قبل الأفرقاء السياسيين، وتحديداً من المكوّنات الفاعلة على المستوى السياسي اليوم، والتي ليس من ضمنها القوى السياسية المعارضة، والتي لا تملك أية هوامش للتدخل في القرارات الحكومية أو المالية أو الإقتصادية.
ورأى المصدر النيابي المعارض، أن مهمة التكليف ما زالت تتأرجح بين النجاح والفشل، وذلك على الرغم من كل البيانات والتسريبات الإيجابية المصطنعة الصادرة عن فريقي التأليف، ذلك أن المسألة لم تعد مرتبطة بالصيغة الحكومية وبتوزيع الحقائب على الطوائف وبالأسماء المقترحة، بل تخطّت هذه البنود إلى بند أساسي وحيد، ويتمثّل بقدرة أي حكومة يمكن التوافق عليها على إقناع الشارع بأن الإنقاذ من الأزمات قد أصبح وشيكاً، خصوصاً وأن ما يتم تداوله من أسماء مرشّحة للإنضمام إلى الحكومة العتيدة، لا توحي باقتناع اللبنانيين أولاً، والمجتمع الدولي ثانياً بالحكومة وبرامجها الإصلاحية والإنقاذية.
واعتبر المصدر، أن إطالة أمد تشكيل الحكومة لا بدّ وأن يهدّد دورها بشكل جدّي، لأن الحكومة التي تأتي بعد مخاض عسير تصبح فارغة من مضمونها الإنقاذي ولن تتمكن من الحصول على المساعدات الدولية الموعودة من الدول المانحة، وستكرّر تجربة الحكومات السابقة التي لم تتمكّن من تقديم أي خطة إنقاذية تسمح لها بأن تفوز بمليارات الدعم التي تقرّرت للبنان من المجتمع الدولي، والدول المعنية، سواء في مؤتمر “سيدر” أو في مؤتمر روما، أو في المؤتمر الأخير الذي انعقد بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
المصدر : “ليبانون ديبايت” – فادي عيد