ظاهرة خطيرة تشهدها مناطق لبنانية عدّة في الأيام الماضية، حيث قام عدد ليس بقليل من القرى بمبادرات تارة بمساعٍ فردية او برعاية من البلديات، حيث تم حصر تعبئة البنزين في المحطات القائمة فيها بأبناء القرية في ايام محددة.
وفي بعض القرى تم تخصيص محطات لأهالي القرية ومحطات للقرى المجاورة، وذلك من خلال توزيع “بونات” مرفقة برقم وموعد محدد للتعبئة، مع الاستعانة بمنصات رقمية لتنظيم الاستحصال على البطاقات.
من حيث المبدأ، معظم هذه المبادرات حصلت بهدف التنظيم وتوفير المعاناة الكبيرة التي يعيشها المواطنون وبنيّة صادقة لحصر الطوابير وخلق اليات تنظيمية، الأمر الذي تؤكده معظم البلديات في بيانات صادرة عنها.
ولكن للأسف فان هذه المبادرات الفردية والقائمة على معيار تمييزي لا معيار تقني عام بدأت تحصد نتائج خطيرة، لم يكن اخرها ما حصل في احدى القرى بعد سقوط جرحى واشكال بالسكاكين على احدى المحطات، على خلفية تعبئة الوقود بين أبناء قريتين.
يكاد المشهد يتكرر في الكثير من المناطق، فالاشكالات لا تعدّ ولا تحصى على المحطات، ولكن هذه المرة على خلفية الانتماء لهذه القرية او تلك، خصوصاً وانه ليس هناك محطة وقود في كل القرى، وبالتالي هذه الاليات التنظيمية تأتي مجحفة وغير عادلة بين جميع اللبنانيين.
لا ذنب لمَن يحاول أن يخفف من وطأة الأزمة، من خلال ابتكار حلول، وان جاءت غير موفقة من حيث الشكل وما فيها من تمييز غير عادل، انما الذنب الكبير والذي لا يغتفر يقع على عاتق جمهورية تخلّت عن دورها لصالح جمهوريات بدأت تعلن قيامها واستقلالها.
هذه الظاهرة الخطيرة لا بد من وضعها برسم الجهات المعنية وفي مقدمها وزارة الداخلية والقوى الأمنية وطبعا المجلس الأعلى للدفاع، فهل يمكن للدولة، اذا كانت لا تزال على قيد الحياة، أن تسمح لهكذا فيدراليات أن تولد بدلاً من خطط وطنية لمواجهة الأزمة؟ وهل يُسمح أصلا لمرافق حيوية كالمحطات أن يتم حصرها بمواطن من دون سواه وبمعايير جغرافية لا عدالة فيها؟ وماذا لو تم تعميم هذا النموذج مثلاً على مرافق أخرى في المناطق كالأفران والصيدليات والمستشفيات وسواها؟
انه الزمن الفاصل بين الدولة واللا دولة، بين القانون والفوضى، بين النظام وحكم الشارع.
سقوط ٦ جرحى على محطة بنزين ليس بأمر تفصيلي، وسقوط اكثر من ٣٠ ضحية و٦٠ جريح في انفجار خزان وقود ليس بتفصيل… فهل لا زلنا نعيش في دولة؟
ربما تعرفون الجواب… فأهلاً وسهلاً بكم في جمهوريات البنزين المستقلة.