تتفق قوى السلطة، حتى تلك المختلفة في ما بينها، على ان الدعم يجب ان يستمر ويجب الا يتم رفعه نهائيا، الا بعد اقرار البطاقة التمويلية، هذا هو موقف بعبدا والسراي. الا ان هذه البطاقة تدور منذ اشهر، في حلقة مفرغة، كون تمويلها غير مؤمّن بعد، وحكومةُ حسان دياب عاجزة حتى الساعة عن ايجاد مصدره. في ايار الماضي، اوضح دياب “أنّ ترشيد الدعم لن يحصل إلا بموجب الموافقة على البطاقة التمويلية التي ستصل الى نحو 75% من الشعب اللبناني، علماً أنّ بعض الدراسات التي أجريت مؤخراً تفيد أن مدخول 76% من العائلات في المجتمع اللبناني يقلّ عن 3 مليون ليرة و200 ألف ليرة لبنانية وهذا هو الحد الأدنى الذي تحتاجه العائلة كي تعيش”، وقال: “لهذا فإننا نهدف إلى أن نقدّم البطاقة التمويلية إلى 750 ألف عائلة”، كاشفا ان “فاتورة البطاقة التمويلية ستقارب المليار دولار”، وموضحاً أن “سيتم تحديد مبلغ البطاقة التمويلية التي ستتراوح بين مليون كحد أدنى و3 مليون كحد أقصى، وذلك بحسب عدد أفراد العائلة”. واشار حينها الى ان “الحكومة تسعى لتأمين التمويل من مصادر خارجية ومنها زيارته الى قطر التي كان هدفها طرح هذا الملف كفكرة لدعم لبنان”. وعن استعمال احتياطي مصرف لبنان لتمويل البطاقة، رأى دياب أنّ على “مصرف لبنان المساهمة في البطاقة التمويلية عبر الاحتياطي الالزامي في حال لم يأت تمويل من الخارج، لأنّ “لا بديل لتمويل البطاقة سوى مصرف لبنان”، وفقاً لما قاله دياب، مضيفًا أنّ “هذا الموضوع يبت في مجلس النواب”، وأنّه “تناقش مع حاكم مصرف لبنان في هذا الموضوع وأي نقاش يعتمد على طبيعة ترشيد الدعم بما يختص بالسلع التي تذهب الى المجتمع اللبناني بمعزل عن شركة الكهرباء ومعامل الكهرباء”، وقال: “هنا نتكلم عن 5 مليار دولار تقريباً، وإذا استطعنا ترشيد الدعم الى نحو مليار ونصف فسيكون هذا نجاح لنا ولمصرف لبنان وللجميع”.
بحسب ما تقول مصادر مصرفية ، فإن كل الدول التي حاول دياب طرق بابها طالبا التمويل، لم تتجاوب معه، او اشترطت تشكيل حكومة تنال رضى المجتمع الدولي وثقته، لتمويل البطاقة. اما مصرف لبنان فيرفض رفضا تاما المساس بالاحتياطي الالزامي لديه، خاصة وانه لامس الخطوط الحمر لا بل تجاوزها.
لكن امام العجز عن تأمين التمويل للبطاقة الموعودة هذه، من الخارج، لا تستبعد المصارف ان تكون المنظومة في صدد ايجاد فتوى ما، لاستخدام الاحتياطي، عبر تشريع قانون في مجلس النواب، او عبر تكرار ما جرى في قصر بعبدا السبت الماضي، في ملف دعم المحروقات. وهنا تسأل المصادر، كيف ستمول الدولة الفارق في سعر البنزين وفق الاتفاق الذي تم التوصل اليه في القصر، بين الـ 3900 والـ 8000 ليرة، اي تمويل الدعم المقدر بنحو 225 مليون دولار؟ تم الحديث عن فتح اعتماد من قبل وزارة المال، لهذه الغاية، لكن هذا المبلغ، ان لم يتم اليوم اقتطاعه، من الاحتياطي، فمن اين سيأتي؟
مد الطبقة السياسية يدها على اموال الناس، رغم تحذيرات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المتكررة في هذا الخصوص، يفترض ان يواجه من قبل قوى المعارضة، في مجلس النواب، لمنع مروره والتصرف بودائع اللبنانيين. وبينما تحمل القوات اللبنانية لواء هذه القضية في البرلمان، ستكون على الارجح، او يجب ان تكون، رأس حربة في التصدي لمشروع “سرقة” الشعب. فالبديل تشكيل حكومة اصلاحات تتعاون وصندوق النقد الدولي، والشروع فورا في مكافحة التهريب بقوة وفي ضبط الحدود والمعابر الشرعية وغير الشرعية، بإحكام من قبل الجيش اللبناني.