أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أنّه “رغم الانهيار الاقتصادي، فلا خطر حتى الآن من اندلاع حرب أهلية، هذا لا يشبه الوضع الذي كان سائدًا في العام 1975 في لبنان. فالكفاح الاقتصادي الذي يخوضه شخص في طرابلس في الشمال هو نفسه الكفاح الذي يخوضه شخص آخر في النبطية في الجنوب”.
ولفت، في مقابلة حصرية مع صحيفة “The National”، إلى أنّه “من المتوقّع حصول المزيد من الاضطرابات الاجتماعية والهيجان الشعبي في الأشهر المقبلة”، مشيراً إلى أن “البلاد وصلت إلى الحضيض وسط الانكماش الاقتصادي”، لكنه يحذر من مقارنة الوضع مع حقبة الحرب الأهلية.
وشّدد جعجع على أن الانتخابات المبكرة هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، قائلاً: “فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها منذ تشرين الأول 2019، وتواجه البلاد نقصًا حادًا في الوقود والأدوية والكهرباء”. وأضاف جعجع: “حاليًا لبنان موجود في القعر، يمكنك أن تري الحالة البائسة للاقتصاد والصراعات الحياتية اليومية التي لا تطاق”.
أما بالنسبة لتأليف الحكومة، فقال جعجع: “على الرغم من أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي يحاول كسر الشلل السياسي المستمر منذ عام وتشكيل حكومة، فإنه لا أمل كبير في أن تنهي الحكومة – في حالة تشكيلها – الأزمة. أعتقد أن هناك فرصة 50-50 لدى ميقاتي لتشكيل حكومة. وإن تم تشكيلها، فهي لن تكون مختلفة عن حكومة رئيس الوزراء السابق حسان دياب”.
وبالنسبة لقرار حزب “القوّات” بالبقاء خارج هذه الحكومة، أوضح جعجع أنّ هذا القرار “لا يتعلق الأمر برئيس الوزراء الجديد المكلف ميقاتي. يتعلق الأمر بتكوين مجلس النواب حيث تتمتع كتل حزب الله والرئيس ميشال عون بنفوذ كبير فمن خلال رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، تمكنت تلك الكتل من حشد الأغلبية الضئيلة اللازمة لتشكيل الحكومة”.
في المقابل، دعا جعجع بقوة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، والمقرر إجراؤها حاليًا في أيار المقبل. وقال: “لقد سئم الشعب اللبناني. يمكن إجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وستعيد الثقة بلبنان”.
وردًا على سؤال حول هيمنة “حزب الله” السياسية في بيروت ورفضه إجراء انتخابات مبكرة، قال جعجع: “إن الحزب يواجه تحديات غير مسبوقة. نعم، حزب الله هو المسيطر سياسيًا لكنه يشهد العديد من التصدعات ونقاط الضعف”. كانت أحداث شويّا غير مسبوقة. لقد وقعت في أقصى الجنوب وكشفت عن أزمة خطيرة لدى حزب الله. وعلى الرغم من أن النفوذ العسكري لحزب الله يمتد من بيروت إلى صنعاء، إلا أنه يمكن احتواء الحزب سياسيًا في الانتخابات البرلمانية”.
وأشار إلى إنّ “الأدوات الأخرى التي يمكن استخدامها للاستفادة من التغيير في لبنان قبل الانتخابات هي العقوبات المتعلقة بالفساد من الولايات المتحدة وأوروبا”. وقال: “إن عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الشخصيات اللبنانية ستكون مفيدة في الضغط على الشخصيات الفاسدة ومسببي الانهيار، وقد يتم الإعلان عن هذه الإجراءات في أقرب وقت ممكن هذا الشهر إذا لم يتم تشكيل حكومة”.
من جهة أخرى، طالب جعجع “بالمزيد من المساعدات الأميركية للجيش اللبناني”، مُشيراً إلى أنني “لا أطالب بتقديم معدات إنما طعام وموارد تساعد في العمليات اليومية”.
على الصعيد الإقليمي، لفت جعجع إلى أنه “يشعر بالقلق حيال المفاوضات الأميركية مع إيران بشأن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، الموقعة في العام 2015”.
وقال: “ستكون العودة إلى النسخة القديمة من الاتفاق النووي مع إيران كارثة. أي أموال تدخل إلى إيران ستظهر في لبنان والعراق وسوريا واليمن. نحن بحاجة إلى معالجة دورها الإقليمي”.
ولدى سؤاله عن دور المملكة العربية السعودية وبُعدها المتزايد عن الشؤون السياسية اللبنانية على مدى العامين الماضيين، أوضح جعجع أن “تردد الرياض مرتبط بإخفاقات بيروت في تقديم إصلاحات ملموسة. لا لبس في دور السعودية في لبنان. إنهم يرون لبنان على الأقل غير ودّي وفاسد جدًا من الداخل. إنهم بحاجة لرؤية إصلاحات ملموسة من أي حكومة مستقبلية”.
ووصف علاقته مع كل من السعودية والإمارات بأنها “جيدة جدًا”، آمِلاً “إستعادة الثقة العربية بلبنان لإعادة الاستثمار بعد الانتخابات”.
أما بالنسبة لاتفاقيات إبراهيم وما إن كان يعتقد أن لبنان سيدخل في محادثات سلام مع إسرائيل، فقد عارض جعجع هذه الفكرة. وقال: “إن اتفاقيات إبراهيم هي قرار سيادي لتلك الدول التي وقعت التطبيع مع إسرائيل. لا نريد اتفاق سلام مع لبنان قبل حل القضية الفلسطينية”