يَبدو أن خطوات الرئيس المُكلف نجيب ميقاتي تترنح في مكانِها ولم تتخطَّ متراً واحداً من الأمتار القليلة التي وَعد بها للوصول إلى الحكومة المنشودة، بل وأكثر من ذلك يبدو أن الخطوات تتجِّه إلى الخلف ويُمكن أن تَصل إلى نقطة الصفر أيّ مع بداية التكليف.
كما يبدو أنّ “شهيّة” الرئيس ميقاتي بدأت تتراجع حتى إنّ المُطالبة بحقيبة من هنا أو إسم من هناك لم تَعُد تفتح لا “شهيّته الشخصيّة” ولا “متراسه” وراء مذهبيّة الحقيبة، فرغم تجاوز عقبات الحقائب والأسماء وحتى الثلث المعطّل، يبدو جليًّا أنّ التسريع الذي تحدَّث عنه والمِهل غير المفتوحة سَحقتها الملفّات التي تتنظره، ملفات لن تكون سَهلة على أي رئيس حكومة في الظرف الراهن”.
تُفيد مصادر على تماس مع حركة التأليف، أنّ “الرئيس ميقاتي يتهيّب إعلان التشكيلة حتى لو جرى الإتفاق عليها بحجّة من هنا أو هناك وأولى الملفّات التي يَهابها ما إستجد على خط أزمة المحروقات أوّلاً من إعلان حاكم مصرف لبنان رفع الدعم ممّا دفعه إلى التريّث والعودة خطوة إلى الوراء فما كان من إجتماع بعبدا الحكومي إلّا أن مدَّد فترة الدعم إلى أواخر أيلول وإن بإجراء مُؤلم لكنه لن يؤجِّج الشارع في وجه الحكومة إذا ما أُعلنت هذا الأسبوع، وهو ما كان ليتوخاه ميقاتي مُفضّلاً رفع الدعم تحت راية حكومة تصريف الأعمال”.
أمّا الملف الثاني الذي يدفع ميقاتي للتريّث، وفق المصادر طبعاً هو “ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمعركة المُستعرّة على خط عون – سلامة، أو ما يسمّى نهج سلامة الذي يصرُّ الرئيس عون على إسقاطه ويعتبره السبب الرئيسي في إنهيار الاقتصاد اللبناني، فأين يقف الرئيس المُكلف من هذا الموضوع وهل ستنفجرُ الأمور في وجهه في هذه الحرب غير المعلنة؟ وأين تقف مصالحه هنا؟”.
أمّا الملف الثالث والأخطر والذي يُهدّد كل الخطوات في حال لم يَدرسها جيداً قبل إعلان حكومته، هي البواخر الإيرانية وما سينتجه وصولها إلى لبنان من أزمة مع حلفاء الرئيس المُكلف وهو معروف الهوى أميركياً أو فرنسيّاً أو عربيّاً وخليجيّاً، كيف سيتصرَّف في حال كان رئيساً للحكومة؟.
كلّ هذه الملفّات تُمثّل عقبات للرجل “الفطن” الذي يَعلم تماماً من أين “تؤكل” الكتف، وبما أنّه ذا باعٍ طويل في الحقل السياسي فإنّه على يقين أنّ اللباس “المطّاطي” يَصلح ارتداءه في فترة التأليف فيضيق قليلاً ليتسّع بعد ذلك، لكنه بالطبع ليس بوارد التأليف السريع ولا الاعتذار سيستخدم “الثوب المطاطي” ويَخلعه عندما يرى أنّ الأمور وصلت إمّا إلى الإنفراج إذا مرّ قطوع السفن على خير أو مرَّ رفع الدعم بسلاسة، أقلّه فإنَّ المطبات بالنسبة إليه ستكون أقلّ ضرراً .
من جهتها تؤكّد مصادر بعبدا، أنّ الرئيس عون فتح له “كوة” في جدار التأليف بترحيله موضوع الدعم وذلَّل له عقبات الحقائب والأسماء، ففعل ما يتوجَّب عليه لتسهيل التأليف فلماذا لا يُقدم الرئيس المُكلف على تصدير حكومته؟ وتُقرن المصادر السؤال بتخوّف من تراجع الرئيس ميقاتي وإقدامه على الاعتذار بدل الإستجابة إلى دعوة الرئيس عون بالصعود إلى بعبدا والإعلان معًا عن تشكيلة باتت بحكم المُتفق عليها”.
وفي الخلاصة، بين التحديّات التي تنتظرُ التشكيل والإرتباطات الخارجيّة لـ “المُشكّل” تبقى الأنظار مُتنقلة بين بحرٍ يَحمل الحلّ أو العرقلة وقصرٍ سيصدر من على منبره الموقف الحاسم من مصير الحكومة، وغداً لناظره قريب”
ليبانون ديبايت” – المحرر السياسي