ثمة قناعة عند بعض الافرقاء السياسيين، بان قدراتهم الخارقة ادت إلى تصفية ثورة 17 تشرين حيث استطاعوا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لناحية نهج التحاصص وتقاسم السلطة رغم إفلاس الدولة ، فبالتالي لا ضير من الإستمرار بالقفز فوق الازمات واعتماد المزايدة الشعبوية والاستثمار من أجل الحفاظ على مقاليد السلطة.
فالنائب جبران باسيل مثلا تعمد تكرار مداخلته في جلسة مجلس النواب كاملة أمام وسائل الإعلام كما أتت اطلالة رئيس الجمهورية المسائية امس لتصب في وجهة نظر باسيل لناحية “تعطيل مؤسسات الدولة من مجلس نواب وحكومة مستقيلة ما دفع رئاسة الجمهورية الى اخذ المبادرة و تأمين موافقة استثنائية لتأمين المحروقات حتى نهاية شهر أيلول المقبل”.
من الواضح ان النهج المتبع بالقفز خلف الازمات دون الولوج إلى معالجة حقيقية لها يقوم على منطق استغلال الازمات من أجل تحصيل ما أمكن من أوراق من أجل مزيد من السلطة. فحال المراوحة في تشكيل الحكومة تنذر بالشر المستطير، ومد اليد على الودائع المصرفية يهدف لشراء الوقت في أزمة ستقضي على أنفاس اللبنانيين ، لكن ماذا عن تشرين وكانون ثم الشتاء والربيع والصيف؟
ثمة سيناريو متداول عن محاولة جس النبض الأميركي من أجل تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة لمدة عام والتذرع بالظروف الصعبة والاضطراب الامني، وهذه المحاولة تهدف إلى اختبار الموقف الاميركي لناحية التشدد ام التراخي تجاه لبنان ما يتيح للاطراف المحلية التصرف بحرية مطلقة.
يعتبر فريق العهد الحالي من أبرز المعنيين والمتحمسين لهذا الخيار ، فتأجيل الانتخابات او عدم إجرائها لاسباب شتى سيفسح المجال أمام المطالبة ببقاء الرئيس عون في قصر بعبدا بحكم الفراغ في السلطة ، كما سيتيح إعادة إنتاج النظام السياسي والترويح بأن إنجاز عون دفن الطائف وإعادة تكوين السلطة على اسس جديدة ، ومن هنا يأتي الاصرار و التشدد على تشكيل حكومة متطابقة مع دفتر الشروط العوني.
منطق التأجيل حتى الساعة تحكمه الرغبات اكثر من العوامل الاقليمية القائمة على ورشة مباحثات تمتد من الخليج حتى تركيا ، ومن إيران حتى عمق أوروبا، ومن الصعب استشراف نتائج ملموسة حيال الملف اللبناني كونه ليس الاولوية القصوى، ما يعني حكما استمرار حالة عامة من الذل والوقوف في الطوابير بانتظار الخبز والدواء وأشياء أخرى كثيرة.
لبنان 24