كتبت نوال العبدالله في سكوبات عالمية:
توالت الأزمات، وبات لبنان على مقربة من وقوع حرب. كان اللبنانييون يَخْشون حرب أهلية، بسبب بعض المنابر الّتي تتحدث بلغةٍ عنصريّة، بعيدة كل البعد عن العيش المشترك الّذي يدّعونه. بدؤوا بإلقاء العبارات التحريضية، لإشعال فتنة الطائف. فحاولوا سحق اتفاق الطائف، وإلغاء العيش المشترك فيما بيننا، بغية تهجير بعض الطوائف، ليكون لبنان لهم وحدهم. وفي النهاية فشلوا، فهم لم يدركوا بعد، أنّ الشعب أصبح أكثر وعياً من التّراهات والتّفاهات الّتي يطلقونها.
ولكن، مع الأسف وبسبب الأزمات والعبء الزائد على الشعب، أصبحنا نرى تقسيماً لم نعهده أبداً.
فلقد وصل الحال ببعض المحطات إلى تعبئة المحروقات فقط لسكان المنطقة. وفي بعض المحطات لا يعبؤون المحروقات إلا لمن هم من طائفتهم. فبدأنا نستشعر أنّ بعض الناس لا تؤمن بالعيش المشترك، وأنّها ما تزال تعيش هاجز الحرب.
نعم إنّنا في حرب، ولكن حرب فكرية و نفسية هي أصعب من الحرب الأهلية الّتي مرّ بها لبنان، ولكن نخشى أن تتحوّل هذه الحرب الباردة إلى حرب أهلية جديدة، قد تكون نتيجتها مدمّرة.
وعلى الرغم من كلّ الأزمات، عاد إلى العلن صراع النفوذ و السيطرة. فمنذ حوالي الشهرين، خرج سماحة الأمين العام للحزب لِيُعْلِنَ على الملأ أنّه سوف يأتي بالنفط من إيران. وكأنّه يتحدّى الدولة اللبنانية وكل دول العالم وخاصةً أمريكا، فالحزب يعتبرون أنفسهم هم أصحاب السلطة في هذا البلد، وهم يفعلون ما يشاؤون.
ها نحن اليوم، نقبع في دوامةٍ لن نستطيع الخروج منها إلّا بخسائر كبيرة، من أجل النفط الإيراني، حياة شعبٍ بأكمله مهدّدة. وكأنّ إيران تريد أن يكون لبنان ساحة حرب، بينها و بين أمريكا.
مع العلم أنّ هناك قانون قيصر وهو قانون أمريكي يفرض عقوبات على الجهات و الأشخاص الّذين يدعمون نظام بشار الأسد بسوريا. وهذا القانون يشمل كل من ساهم في مساعدة النظام السوري. ويجب أن لا ننسى أنّ الحزب هو داعم للنظام السوري، بالإضافة إلى إيران.
ومن هذا المنطلق، يعيش الشعب اللبناني حالةً من الهلع هزّت كيانه، فبدأ يرتعد خوفاً من القادم.
إنّ دخول النفط الإيراني إلى لبنان، هو بمثابة إطلاق النار على شعبٍ يسعى لِيحيا حياةً كريمة. فكان لبنان يعيش في خوفٍ سببه أزمة، كان سياسييوها هم من أوصلوا البلاد إلى جهنّم، فلم يعد يجد الشعب مستلزمات الحياة، وانتشر الفقر في كل مكان. ولكن، اليوم لبنان أصبح يواجه أكبر مخاوفه. خوف من القادم، فهل دخول النفط الإيراني، قد يُشْعِل فتيل الحرب بين إيران و أمريكا؟ وهل سيكون لبنان ساحة حرب لهما؟
وها نحن نعيش أزمة التقسيم في لبنان، خشيت أن تقسّم المناطق، فتصبح بعضها من ضمن مناطق نفوذ إيران، والبعض الآخر من ضمن مناطق نفوذ أمريكا.
اليوم، يَقْبَعُ لبنان بين المطرقة والسندان، بين أمريكا و إيران. وفي الختام، هي أيام أو ربما ساعات على وصول النفط الإيراني. وتبقى التساؤلات والإحتمالات كلّها واردة، ويبقى مصير شعبٍ بأكمله معلّقاً.
نوال العبدالله