مرة جديدة سيتحوّل قصر الأونيسكو الى حلبة مواجهة، مع دعوة رئيس المجلس النيابي الى جلسة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، واتخاذ الموقف أو القرار المناسب.
مع ان هناك من يتحدّث عن إمكان عدم تأمين النصاب، كردّ على تطيير الجلسة الأخيرة التي كانت مخصّصة للعريضة المتعلّقة بانفجار المرفأ، فإنّ أسهم انعقاد الجلسة تبدو أكثر ارتفاعاً، مع وجود نيّة لدى كتل نيابية لتحويل المناسبة الى فرصة لتسجيل النقاط على رئيس الجمهورية والمؤيدين له. ما يعني أن جلسة الأونيسكو ستتحوّل الى ساحة كباش سياسي ومواقف عالية السقف، خصوصاً اذا لم تحمل الساعات المقبلة ايجابية على صعيد ملف تشكيل الحكومة.
ماذا يقول النظام الداخلي؟
وفق المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وعندما يوجّه رئيس الجمهورية رسالة إلى مجلس النواب عملاً بأحكام الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور، تطبق الإجراءات الآتية:
-يبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الإنعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ إبلاغه رغبة رئيس الجمهورية، اذا كانت رسالة رئيس الجمهورية مباشرة.
-بعد إستماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية، يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة، تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة وإتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب.
-أما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس (كما هو حال الرسالة التي ستناقش اليوم)، فعلى رئيس المجلس النيابي أن يدعو المجلس للإنعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب.
بناءً على ما تقدّم، ولأن رسالة رئيس الجمهورية موجّهة بواسطة رئيس المجلس النيابي، يفترض أن يُناقش المجلس الرسالة. وقد كانت المشاورات مستمرة في الساعات الماضية، بين فرضيتي فتح الباب أمام من يرغب من النواب للتعليق على الكلمة ومناقشتها، أم اقتصار الأمر على كلمة من كل كتلة نيابية، اضافة الى الراغبين من بين النواب المستقلّين.
منذ العام 2016، خاطب الرئيس ميشال عون مجلس النواب أكثر من مرة، وهو الذي استخدم الصلاحية التي تنص عليها المادة 59 من الدستور في نيسان 2017، فأجّل انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر، وهو ما أسهم في ذلك الحين في الدفع نحو إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد النظام النسبي.
اما على صعيد الرسائل، فقد أرسل الرئيس عون في 31 تموز 2019 رسالة تضمنت طلباً لتفسير المادة 95 من الدستور، وجرى تأجيل موعد جلسة مناقشتها مرتين ولم يتمّ تحديد موعد جديد لها.
أما الرسالة الثانية فكانت بتاريخ 24 تشرين الثاني 2020 وتضمنت طلباً لتفسير “التدقيق الجنائي”، وقد ناقشها المجلس واتخذ بشأنها القرار بعد ثلاثة أيام بأن يشمل التدقيق الجنائي كل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة بالتوازي، وليس فقط مصرف لبنان.
أما حكومياً، فقد خاطب رئيس الجمهورية المجلس النيابي بتاريخ 19 أيار 2021، في سابقة لجهة ما تضمنته حول ظروف تشكيل الحكومة الجديدة والشكوى من أداء الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في حينه سعد الحريري وما يتعلق بالتكليف النيابي الممنوح له.
وقد عقد المجلس جلسة بتاريخ 21 أيار إستمع فيها إلى تلاوة الرسالة ثم ناقشها في اليوم التالي في 22 أيار 2021 وخلص المجلس بعد مناقشتها إلى موقف يؤكد “أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور واعتبار أن أي موقف يطال هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده اليوم”.
اذا، تبدو رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب بمثابة الكباش السياسي على مسرح الأونيسكو. اذا مالت المشاورات الحكومية نحو الايجابية، ستمرّ الرسالة بأقلّ سجالٍ ممكن… امّا اذا تأزّمت، فالمبارزة الكلامية منتظرة، وسينقل الإعلام فصولاً “من اللعب الحلو”.