لم تلبث عكار أن تُلملم وتنفض رماد حرائقها التي إندلعت في أحراجها، إلى أن أتى إنفجار التليل الكارثي الذي خطف حياة 29 شخصاً من بينهم عسكريين ليزيد ألم المنطقة المحرومة ألماً..
منذ فجر الأحد المشؤوم، وتحت إشراف الجيش اللبناني، تتولى الشرطة العسكريّة التحقيقات ولا شيء موكّداً ومحسوماً حتى الساعة.
وكأي حادثة في لبنان، تتشعب الرويات والتأويلات حولها:
تتحدث الرواية الأولى والتي تستند إلى إفاداتٍ تقدّم بها عدد من الأشخاص عبر وسائل الإعلام، عن إطلاق نارٍ متعمد من قبل نجل صاحب الأرض التي إنفجر فيها خزان الوقود.
ووفق ما توصل إليه التحقيق حتى الساعة، تبيّن أن هناك أثار لعدد من الطلقات النارية (عيار 9 ملم) موجودة على الخزان، لم يُعرف بعد إذا كانت قديمة العهد أم حديثة.
ففي حال كانت جديدة وهي التي تسببت بالإنفجار، فعلينا انتظار التقرير الفني لكشف ما إذا كانت نوع هذه الطلقات تتطابق مع السلاح الذي عثر عليه في منزل نجل صاحب الأرض… المتّهم الوحيد من قبل المحيط.
أما الرواية الثانية ووفق مصادر “سبوت شوت”، هي الأكثر ترجيحاً والأقرب إلى العقل والمنطق:
فرضية إقدام أحد المواطنين الذي أصيب بحروق بليغة في الإنفجار وما زال على قيد الحياة، على إخراج قداحة من جيبه وإشعالها، على خلفية إشكالٍ فرديّ حول إستلام مادة البنزين، أدى إلى تفاعلات كيمائيّة مع الوقود المسرّب على الأرض… وحصل ما حصل.
وحتى الساعة لا موقوفين في القضية باستثناء صاحب الأرض جورج رشيد ونجله.
فمهما كثرت هذه الأقاويل والروايات، تبقى الحقيقة إلى حينه، مدفونة مع الشهداء الذين كانوا على سطح الخزان أو بالقرب منه، فهم من راحوا وأخدوا سرّهم معهم… وممكن أن تكون هي موجودة أيضاً بحوزة من أشعل القداحة في حال ثبتت الفرضية الثانية.
نحن نعوّل على دولتنا وعلى جيشنا وعلى القضاء العسكري هذه المرة عدم إضاعة التحقيق وتسييسه… وكشف الاسباب الحقيقيّة لمجزرة التليل.