كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
أسابيع والشعب اللبناني يعاني من طوابير الذل من أجل الحصول على المحروقات..
أسابيع والدولة لم تحرّك ساكناً.. إلى أن بدأ فصلاً جديداً يوم أمس من فصول المهزلة والعبثية التي لطالما رافقت قرارات السلطة المهترئة.
فبقدرة قادر، وبعصا سحرية، وجِد البنزين والمازوت في المحطات، وبدأت الأخيرة بفتح أبوابها وتعبئة خزانات السيارات الفارغة، وترافق هذا الحدث مع الخطوة الأمنية التي لم تلتفت لكل الذل والشقاء الذي عانى منه الشعب على مدى أسابيع طويلة.
وبعد تحوّل محطات المحروقات إلى حلبة مصارعة، وبعد أن كثرت الإشكالات، وفي محاولة لامتصاص الغضب، آزرت الأجهزة الأمنية لتتحرك من أجل التخفيف والحد من الأزمة، بعدما بدأت هذه الأحداث تشكل تهديداً صريحاً للإنفلات الأمني والذي يسعى جميع المعنيين لتخطيه حفاظاً على مراكزهم وكراسيهم.
ولعل مشكلة المحروقات لا تشمل الكهرباء فقط والتقنين الذي يرافقها، بل يمتد ليشمل تنقلات الشعب من أجل الوصول لمكان العمل، والمصانع والمولدات الخاصة، والصدمة الكبرى كانت يوم أمس عبر نداء المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت واستغاثته، حيث أن شحّ المحروقات يهدد حياة مئات المرضى، وهذا ما يعد كارثة الكوارث، فأي دولة بإمكانها تحمّل العجز في المستشفيات وإرعاد القطاع الصحي بأكمله!
ومما زاد الطين بلّة، هو استيقاظ الشعب اللبناني على نكبة إنفجار خزان للمحروقات في بلدة “التليل” – عكار، وهو ما أدى لمجزرة بشرية بحق أبناء المنطقة لا تقل وحشية عما حدث في إنفجار مرفأ بيروت بتاريخ 04/ آب/ 2020.
أما الأفظع، فهو تراشق الاتهامات بين الجهات السياسية المختلفة وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، فأي وقاحة يتمتع بها أولئك المسؤولين؟ فبعد تخليهم عن كامل إنسانيتهم وواجباتهم، ظهرت الاحقاد الدفينة وتناسوا المجزرة الحاصلة وهولها!
صحيح أن الشعب اللبناني لم يتحرك لما أصاب بيروت في الرابع من آب، وصحيح أن طوابير الذل باتت من الأمور التي تعوّد عليها اللبناني، إلا أن الإشكالات التي بدأت تلازم أزمة المحروقات كانت دافعاً للقوى السياسية والأمنية لامتصاص غضب المواطنين قبل أن تتخطى تحركاتهم تسكير الطرقات والبدء بالثورة الحقيقية وقلب الطاولة على رؤوس المسؤولين.
إلا أن مجزرة عكار لا بد من أن تكون العود الذي سيشعل بارقة الثورة، فمن غير المعقول أن يستمر اللبناني بتحمل الذل والجوع والفقر والقهر والحرمان من أبسط الحقوق، إضافة لتهديد أمنه وصحته.. ويقف مكتوف الأيدي.
فإلى متى سيبقى الشعب مخدراً ويستمر سكوته؟!