لعل تخيل حجم الكارثة التي تقترب من اللبنانيين بعد رفع الدعم كفيل بإيصالنا الى استنتاج يقول ان حصول الانتخابات النيابية بات مهددا بحد ذاته، وهذا يعني ان من يريد اجراء الانتخابات النيابية, عليه ان يهيء لها ظروفها، والمقصود هنا طبعا ليس القوى السياسية.
بالنظر الى اقاليم المنطقة ككل، يمكن ملاحظة انه وبالتوازي مع المفاوضات الحاصلة في غير مكان، من بغداد الى فيينا، مرورا بعُمان ودمشق، تزداد سخونة الساحات، كأن المنطقة في اجواء حرب لا في مناخات تسوية، وهذا ما يفسره البعض بأنه التفاوض تحت ضغط النار، اي انه الكباش الاخير لتحسين شروط من هنا او هناك.
في لبنان، لا يبدو الوضع مختلفاً، اذ، وبحسب مصادر مطلعة فإن الاميركيين يتجهون ومع بداية الخريف وبشكل جدي لاعادة الانخراط المباشر في الساحة اللبنانية بعد ان كلفوا الفرنسيين بالإنابة عنهم خلال الاشهر الماضية، وهذا يفرض ضرورة الوصول الى تسوية جدية في هذه الساحة.
وترى المصادر ان الاميركيين مهتمون بشكل كبير بحصول الانتخابات النيابية المقبلة، كما انهم معنيون بترتيب الواقع الاقليمي قبل الانكفاء النهائي، ويجدون انفسهم مضطرين للتعاطي مع الساحة اللبنانية وفق الاستراتيجية ذاتها ، ما يعني ضرورة الوصول لتسوية، او اقله رسم خطوط وقواعد عامة بينهم وبين “حزب الله”.
وترى المصادر ان هكذا تسوية تفرض زيادة الضغوط بشكل كبير لفرض تنازلات سياسية على الحزب، لا بسبب الضغوطات مباشرة فقط، بل بسبب إشعار الحزب ان خسارة الاكثرية في الانتخابات المقبلة بات امرا محسوما وبالتالي فإن ترتيب الاوراق الداخلية والاقليمية اصبح امرا ملحا يستوجب تفاهمات علنية او سرية.
هكذا يمكن النظر الى تسخين الساحة اللبنانية، الذي لا يمكن ان يكون الا تسخيناً مؤقتاً وغير مستمر، لان استمراره سيهدد الانتخابات النيابية، ولان المناخ الاقليمي، وبالرغم من سخونته الحالية، هو مناخ تسوية لا مناخ حرب وهذا ما سينسحب على لبنان، وبالتالي فإن الضغط الحالي قد يكون مدخلاً للحل المرحلي او النهائي، او اقله هذا ما تفكر به واشنطن، كما يقول بعض المطلعين.