لم ولن يتخذ القرار برفع الدعم عن المحروقات والدواء قبل تأمين البديل. موقف بقدر ما هو واضح علنياً، بقدر ما يحمل ضمنياً من أذية إنسانية وإقتصادية وإجتماعية. فنتيجة لعدم تنفيذ إتفاق قرض “شبكة الحماية الإجتماعي” المتخذ قبل أكثر من 4 أشهر، وقانون البطاقة التمويلية المقر في مجلس النواب منذ أكثر من شهر، بدأ كل شيء يتوقف في البلد. أنفاس المواطنين انقطعت حرفياً لا مجازياً، المولدات الخاصة تنطفئ تباعاً تاركة المواطنين يواجهون ظلمة آب وحره بأدوات العصر الحجري، القطاعات الإنتاجية والخدماتية من مستشفيات ومطاحن ومزارع وأفران وشركات… تتوقف الواحدة تلو الأخرى.
وعليه يسأل الخبراء بالخط العريض لماذا لم يبدأ تنفيذ الدعم المباشر للمواطنين بعد، وتحرير السلع من الدعم المشبوه الذي لم يؤد الغرض منه منذ بداية الأزمة؟ ولماذا الإستمرار بخطط ترشيد دعم الدواء والمحروقات، إن لم تعط النتيجة المرجوة منها وتؤدي إلى الإفراج عن السلع الضرورية وعودتها إلى الأسواق؟
إذا كانت الدولة ومصرف لبنان يتحديان بعضهما بلعبة “عض الأصابع”، فان المواطن وحده هو من يصرخ. والحلول الموقتة المطروحة منذ أشهر تصبح أقل فائدة مع تأخر التطبيق وانهيار سعر الصرف، خصوصاً إن كانت الأموال ستعطى بالليرة وبغير سعر الصرف الحقيقي للدولار. من جهة أخرى يرى الخبراء أن البطاقة التمويلية قد تسند “خابية” العائلات التي تتعرض لضغط إقتصادي شديد، إلا أنها ليست الحل. فهي ستنفد خلال عام واحد. وإن لم يتم من الآن لوقتها وضع خطة شاملة بالتعاون والتنسيق مع صندوق النقد الدولي تحظى بموافقة الجميع ومن دون تعطيل، فان المشكلة ستكبر مثل كرة الثلج وتجرف معها الأفراد والمؤسسات على حد سواء. وإن كان من خطوة مفيدة فهي “إكرام” الدعم بـ”دفنه” والإنتقال سريعاً إلى الخطط البديلة وهي كثيرة في حال صفاء النوايا.
المصدر : نداء الوطن