وخارج التلاعب والتكاذب، يبدو مشروعاً طرح السؤال: ماذا تريد مافيا تدمير البلد؟
وحتى لا يبقى الأمر ملتبساً، فثمة تواطؤ بين ما يمكن وصفه بأيتام العهد القوي، الذين يتصرفون وكأن لا شيء في البلد يجري، ومافيا الشركات وبعض التجار مع مافيات السوق السوداء الذين يعبثون بكل مقومات حياة المواطن: من الماء، والكهرباء، والدواء، والغذاء والخضار، وصولاً إلى الخبز، وربما الشاي بعد القهوة، من دون رادع، لا اخلاقي، ولا ديني، ولا اجتماعي، ولا قانوني، وهو أبغض الحلال، ولكن لا بدّ منه لردع المافيا من الاجهاز على كل مصادر طاقة المواطن.. فبعد الكهرباء، التي تأتي 5 دقائق أو ربع ساعة وتنقطع، في تقنين لم يعرفه البلد في عز أيام الحرب، أو حتى الاعتداءات الإسرائيلية، جاء دور الماء، حيث الشركة تكتفي فقط بالتذكير بمواعيد تسديد الاشتراكات السنوية..
في وقت يلعب “الايتام هؤلاء” على حافة الانهيار بحثاً عن “مجد تليد” أو العزف على تحصيل حقوق موهومة، أو مخافة خسارة كل شيء في انتخابات العام 2022، لا تغفل المافيا عن وضع أمور النّاس على طاولة التآمر، يومياً.
أمس جاء دور الغاز، حملة موهومة أو صحيحة عن ان المادة لا تكفي إلا لايام قليلة، حتى تهافت المواطنون على الإنتظام في طوابير للحصول على قارورة، تكفيهم لقضاء الحوائج المنزلية..
والأنكى في لعبة التدمير هذه، بلاغات النفي والتأكيد والوعد والوعيد، عن عدم رفع الدعم أو تحميل بعض الجهات المعنية المسؤولية، في حين ان غرفة عمليات دفن الحياة الآمنة في البلد معروفة بالاشخاص والهويات.. فمن يتحرك لمنع العبث والاحتكار، وعدم الهاء الشارع بالصدامات والخلافات وإطلاق النار والتدافع والقتل؟
بعد الغاز وصلت الأزمات القاتلة إلى المطاحن، ورغيف الخبز، فتجمع المطاحن يعلن عن توقف المطاحن قسرياً عن العمل، بسبب فقدان مادة المازوت التي باتت غير متوافرة لا في السوق الشرعية ولا في السوق السوداء، وان اياماً معدودة وتتوقف المطاحن عن العمل بعد نفاد مخزون المازوت لديها..
تساوت المناطق بالحرمان، ومرارة الأزمات، من الإقليم إلى الجنوب فبيروت والشمال، بما في ذلك زحلة والبقاع حيث تنذر شركة كهرباء زحلة بالانتقال من الـ24/24 كهرباء إلى صفر كهرباء.
حتى المولدات، اطفأت محركات توليد الطاقة، مع حجب المازوت عنها، والحاكم يبحث عن ترف الاتصالات التي بالتأكيد من دون أي جدوى، فالمطلوب أمر واحد: حكومة، بلا مواصفات “المعايير والشراكة والدستور” التي عندما تطلق تحمل في طياتها إيذاناً بعرقلة الأيتام لأي أمل، بتحقيق تفاهم أو تقدّم.
وهذا الكم الهائل من التأزم، لم يسرع أو يحرك اجواء العهد لجهة تسهيل عملية التأليف، فقد كشفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة، ان مشاورات التشكيل متوقفة عند جملة مطالب وشروط طرحها رئيس الجمهورية ميشال عون، في لقاءاته السابقة مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وكلها تصب في خانة الاستئثار بحصة ووزارات وازنة، من شأنها، التحكم بقرارات وتوجهات الحكومة العتيدة. واشارت المصادر إلى ان التباعد في طرح الرئيس المكلف ومطالب رئيس الجمهورية، ما يزال قائما، ولم تفلح الاتصالات الجانبية والبعيدة عن الاضواء في تقليص هذا التباعد الى حد الاتفاق والتفاهم على الحد الادنى لاطلاق خطى التشكيل عمليا.وقالت المصادر ان الخلافات، بين عون وميقاتي، ليست محصورة، بجانب او اسماء معينة، بل اصبحت مفتوحة، لتطال تشكيلة الحكومة ككل، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية، يطرح في كل لقاء مطلبا جديدا، يزيد في تراكم الخلافات بدل تقليلها وحصرها بجانب او اسماء او حقائب محددة، مايؤدي في النهاية الى زيادة التعقيدات وصعوبة حلحلتها.
المصدر : اللواء