كتبت نوال العبدالله في سكوبات عالمية:
ظهرت معالم الأزمة، مع بداية صعود سعر صرف الدولار. يذكر أنّ أوّل صعود للدولار كان يبلغ 1600 ل.ل.، لم يكن أحد يتوقّع أنّ المارد الدولار سوف يرتفع إلى أعلى المستويات و يتخطى 20 ألف ل.ل..
وأنّ نسبة التضخم للدولار قد تجاوزت %1000، وبحسب خبراء الإقتصاد تعتبر هذه النسبة قد تجاوزت حدود الواقع وخاصةً أنّ لبنان يعتمد على الدولار بنسبة %75، وذلك كون لبنان يعتمد على الإستيراد أكثر من التصدير، فكثير من المواد الغذائية، وحتى الأدوية، والمحروقات كلها تستورد من الخارج.
كل هذا الإرتفاع الجنوني للمارد قابله خسارة قيمة العملة الوطنية بنسبة قد تجاوزت %85.
وقد أثّر هذا الإرتفاع على القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، وزادت أعباء الحياة بسبب تدهور القزم (الليرة اللبنانية)، فعلى سبيل المثال زادت نسبة أسعار المواد الغذائية بنحو تخطى في بعض الأحيان %700.
بدأت معالم تدهور العملة الوطنية تأثّر على حياتنا اليومية، وخاصةً أنّه ليس فقط أصحاب السوبرماركات رفعوا الأسعار، وإنّما أصحاب محلات الأعلاف، وأصحاب محلات الدواجن.
وبسبب إنخفاض نسبة الإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، تمّ أخذ سلسلة قرارات ومنها: رفع الدعم عن المواد الغذائية وعن اللحوم، وحتّى وصل بهم الأمر لرفع الدعم عن أغلبية الأدوية بإستثناء الأدوية المزمنة، وها هي أيّام تفصلنا عن رفع الدعم عن المحروقات.
ولم تكن السوق السوداء هي المتحكّم بسعر صرف الدولار فقط، إنّما مع الوقت وجدنا أنّ العامل السياسي لعب دوراً مهماً حتّى لو كان هذا العامل يعتبر لدى خبراء الإقتصاد وهمي عند إنخفاض المارد في بعض الأحيان.
مع بداية إرتفاع المارد، كنّا نرى إحتجاجات شعبية وقطع للطرقات. ولكن اليوم، إختلف الكلام كثيراً. فَبِتْنا نرى إحتجاجات من أجل المولدات والمحروقات، وكأنّهم حاولوا إلهاءنا بأمور المعيشة. كي ننسى سبب الواقع المرير الّذي نعيشه، ألا وهو إرتفاع سعر الصرف لأعلى مستوياته.
ومن أسباب هذا الإرتفاع هو تهريب المارد للخارج، مثلاً هناك عدد من السياسيين قد حوّلوا دولارات كثيرة إلى بنوك في الخارج، بالإضافة إلى تهريب الدولار إلى سوريا. وهذان السببان، هما من الأسباب الرئيسية الّتي دفعت إلى إرتفاع سعر الصرف، وذلك بسبب نُدْرَة العملة الصعبة.
إنتفض الشعب من أجل الدولار، ثمّ هدء وكأنّهم حقنوا الشعب بإبرة مورفين. فحاولت السلطة جاهدة لتشتيت إنتباه الشعب بأمور المعيشة. والشعب نسي أنّ الدولار هو من يتحكم بكل شي من أسعار و غيرها.
وعلى وقعِ إرتفاع المارد و بَسْطِ سلطته على القزم، تفشت الأزمات اللبنانية، وظهر للعلن الفساد الّذي تغلغل في مؤسسات الدولة. فباتت مؤسسات الدولة مهترئة وعاجزة، لأنّها فقدت كل إمكانياتها.
وأخيراً، نعم إنّ الفساد هو السبب الأساسي في تدمير هيكلية الدولة. ولم يعد يمكن إستخدام طريقة الترقيع من أجل إخفاء فسادهم ونهبهم.
المصدر : سكوبات عالمية – نوال العبدالله