كتب شادي هيلانة في وكالة “اخبار اليوم”:
يتعامل الرئيس نجيب ميقاتي مع ملف تشكيل الحكومة بأعصاب باردة رغم التشاورات الساخنة التي تواجه حكومته، هو الذي نجح عبر أسلوب السهل الممتنع ـ متفادياً الاستعراض في الأداء السياسي والإعلامي في تحقيق اختراقات على أكثر من خط، لا سيما لناحية تصريحاته بعد كل زيارة الى بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تتسم بحنكة سياسية ودبلوماسية في الاداء.
لكنّ ما لم يكن في حسبان ميقاتي هو أنّ هناك قنبلة ستنفجر في توقيتها، وانّ ذهنية العرقلة “الموروثة” في العهد القوي الذي يؤثر سلباً على دوران عجلة الحلول ويعيد “تسميم” المناخ من باب التعقيدات المحيطة بعملية تأليف الحكومة.
وقد تكون المعادلة بسيطة، في حال خروج ميقاتي من المشهد الحكومي، ستتمركز كل الصلاحيات بيد الرئيس عون كأمر واقع، وستكون الأولوية الطموح الرئاسي اللبناني إلى كسر القواعد التي ارتكزت إليها الصيغة اللبنانية، من أهمها إضعاف موقع الرئاسة الثالثة أي رئاسة الحكومة فهو يريد الإمساك بكل الوزارات الخدماتية وغيرها.
وفي حديثٍ الى وكالة اخبار اليوم، تؤكد مصادر من التيار الوطني الحر، انّ عون لن يتخلى عن شروطه التي كانت سائدة عند تكليف الحريري كما هو الحال مع ميقاتي ايضاً، وبالتالي وزارة العدل حتماً هي من حصة العهد لمراقبة مسار التحقيقات في الملفات المالية وفي ملف انفجار المرفأ، وبالتالي المعركة اليوم على وزارة الداخلية التي تواكب عن كثب العمل القضائي.
وفي السياق عينه، يُشار إلى أنّ الحقيبة المتنازع عليها “الداخلية”، أهميتها بالنسبة للطائفة السُّنية والتي لم يكن يوماً قرار التخلي عنها بيّد الرئيس المُكلف بغض النظر عن ميقاتي او غيره، فهي تكرس عرف توزيع مديري الأجهزة الأمنية الأربعة على الطوائف الأربع، وكانت قيادة قوى الأمن الداخلي للسُّنة، وغالباً ما يكون مديرها مقرباً من تيار المستقبل.
وفي حين أنه لا يمكن أيضاً فصل موضوع اللواء عماد عثمان عن التمسك بوزارة الداخلية، بما تحمله من صلاحيات، من تقديم خدمات وإعطاء رخص في عدة مجالات، والاهم منها التحكّم بالانتخابات النيابية المقبلة والإشراف عليها وعلى عملياتها بالتفصيل. لذلك يستقتل عليها “صهر عون” النائب جبران باسيل ، لأنّ الاستحقاق يعتبر مفصليا ومسألة “حياة او موت” بالنسبة للتيار البرتقالي.
ومن دون التنكر للحقيقة المُرّة، الا وهي، انّ لا ولادة لحكومة في ظل مناخ خارجي غير مؤاتٍ، وبحسب السفراء وموفدي الدول أنّ هذا المناخ لا يزال معقداً، وما يتردد في الاروقة الدبلوماسية، خلاصتهُ تتمحور حول المعادلة الآتية: “دبّروا أموركم بأنفسكم”
وعليه، كلهم يلعبون بالنار لحين انفجار برميل البارود، قصداً أو عن غير قصد، وحدها العناية الإلهية ما زالت تُبعد الشعلة عن الفتيل المنتشر على امتداد الوطن، من أدناه إلى أقصاه، ولكن إلى حين.