دخلت مادة الغاز على خط الأزمة، لتبدأ السوق اللبنانية معاناة شح الغاز كغيره من المحروقات. فقد رفع المعنيون بالقطاع اليوم صرخة لمطالبة مصرف لبنان بالإسراع في فتح الاعتمادات المالية لاستيراد باخرة غاز. لكن السؤال ماذا بعد باخرة الغاز المنتظرة؟ هل ستنتهي أزمة الغاز؟ إذاً، هي أزمة المحروقات بكافة أنواعها، وأزمة استيراد بشكل عام، وأزمة شح بالدولار، وليست أزمة باخرة أو باخرتان.
نفاد مخزون الغاز
قد لا يكفي مخزون الغاز لأكثر من 10 أيام فقط، هذا في حال اعتُمد نظام تقنين بالتوزيع. ما يعني أن السوق ستتجه إلى أزمة شح كبيرة، ما لم يقم مصرف لبنان بمنح الشركات المستوردة موافقات مسبقة لاستيراد الغاز. هذا التحذير أطلقه رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون. وإذ يكشف زينون، في حديث إلى “المدن”، توقف باخرة غاز في المياه الإقليمية منذ نحو17 يوماً تحمل على متنها قرابة 5000 طن من الغاز، بانتظار الاستحصال على موافقات مسبقة من مصرف لبنان لفتح اعتمادات لها، قبل دخولها وتفريغها في السوق اللبنانية، يؤكد إن مخزون الغاز قارب على النفاد. ما يهدد بأزمة لا تقل خطورة عن نفاد مادتي المازوت أو البنزين. فالغاز مادة حيوية ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها.
وبالنظر إلى أن حاجة السوق الاستهلاكية سنوياً تقارب نحو 240 ألف طن من الغاز، فذلك يعني أن الباخرة التي تجري المطالبة بفتح اعتمادات لها، لن تكفي لأكثر من أسبوع لسد حاجة السوق. فهي تحمل 5000 طن فقط. ويوضح زينون، أن مصرف لبنان مُطالب اليوم بفتح اعتمادات لباخرة تنتظر في المياه الإقليمية وسعتها 5000 طن، وأخرى من المنتظر ان تصل منتصف شهر آب الجاري، وسعتها 9000 طن من الغاز: “وإذا لم يعد هناك من احتياطي مالي في مصرف لبنان، فليرفع الدعم وكفى ذلاً للمواطنين”، على ما يقول زينون.
تضارب المعطيات
يلتقي المعنيون بقطاع الغاز على أهمية المادة وضرورة الإسراع في فتح اعتمادات لاستيرادها، لكنهم يختلفون فيما بينهم على الكثير من المعطيات حتى البديهية منها. فمخزون الغاز وفق زينون قد لا يكفي لأكثر من 10 أيام، في حين أنه يكفي لأكثر من شهر وفق متحدث باسم شركة Unigaz المستوردة للغاز. ويؤكد المصدر في حديث إلى “المدن” استيراد باخرة سعة 2000 طن من الغاز يوم السبت الفائت، نافياً وجود أي باخرة في المياه الإقليمية. ويرى أن من الاستحالة أن تنتظر باخرة ما، في عرض البحر على مدى 17 يوماً. فتكلفة توقفها وانتظارها تقارب 50 ألف دولار يومياً. وهو ما لا يمكن أن تتحمله أي شركة، مطالباً مصرف لبنان بفتح الاعتمادات لشحنات الغاز المستوردة.
هذا التضارب في تقدير حجم مخزون الغاز، وحاجة السوق لهذه المادة، والبواخر المنتظر استيرادها، إنما يؤكد دخول قطاع الغاز دوامة الفوضى والشح والطوابير والسوق السوداء، على غرار مادتي المازوت والبنزين. وكان زينون قد لفت إلى “وجود سوق سوداء من أجل تأمين مادة الغاز”، مناشداً “وزير الطاقة وحاكم مصرف لبنان مصارحة المواطنين بحقيقة الوضع ووضع النقاط على الحروف”.
أزمة التوزيع
وليست أزمة منطقة الشمال ونفاد مادة الغاز من أسواقها بالمستجدة. فالشركات تقنن توزيع الغاز في طرابلس والشمال حتى منذ ما قبل أزمة الاستيراد. وقد رفعت نقابه موزعي الغاز بالمفرق والجملة ومستلزماتها في لبنان الصوت أكثر من مرة، وتتواصل بشكل مستمر مع وزارتي الاقتصاد والطاقة لحل أزمة توزيع الغاز، وإنصاف منطقة الشمال، من دون جدوى. ويعزو ممثل نقابة موزعي الغاز ومستلزماتها في الشمال، مصطفى العتر، في حديث إلى “المدن”، النقص الحاد في مادة الغاز في منطقة الشمال، إلى احتكارها من قبل بعض الشركات والمستوردين. ويؤكد عدم حصول الموزع على حصته المعتادة، ناهيك عن التعاطي معه بفوقية مطلقة، لدرجة أنه لا يجرؤ للتقدم بشكوى على آلية التوزيع. إذ سرعان ما تعمد شركات الغاز إلى معاقبته وعدم تسليمه المادة