كتبت هيلدا المعدراني في “ليبانون فايلز”:
ليس أبلغ من الرسالة التي أوصلها المجتمع الدولي إلى المسؤولين السياسيين، خلال مؤتمر الدعم الدولي للبنان في 4 آب، من ان الاموال ستصرف للجمعيات الانسانية ومباشرة للشعب اللبناني، وهي بالمناسبة ليست المرة الاولى التي يعلن فيها الخارج عدم ثقته بالطبقة الحاكمة.
وبالانتقال الى أرض الواقع ومن صميم المعاناة مع اشتداد الازمة، فإن التدهور الاقتصادي الآخذ بالتدحرج نحو الهاوية، مع إفراغ جيوب المواطنين واستنزاف ما تبقى من أموالهم، قد أصبح مسرحية مكشوفة، ومناورة الدولار لإمتصاص غضب الناس لعبة دنيئة يمارسها مجموعة من المحتكرين والتجار في السوق السوداء.
يؤكد مصدر اقتصادي لـ”ليبانون فايلز” ان “التأرجح الحاصل حالياً في سعر صرف الدولار، والذي يرتبط دون شك بالعملية السياسية، يسير وفق خطة نفسية واعلامية تتخذ من رفع سعر الدولار الى اعلى درجة ممكنة، كما حصل حين لامس الاسبوع الماضي عتبة الـ 25 ألف ل.ل.، ثم خفضه الى 20 ألف ل.ل.، لتنفيس الاحتقان الشعبي واستيعاب الناس للصدمة والهدف هو تكريس رفع سعره تدريجياً”.
وأردف المصدر بالقول: “لا شيء يمنع هؤلاء الانتهازيين والجشعين من المضي في لعبتهم ومناوراتهم لإيصال سعر الدولار الى سقوف خيالية طمعاً بجني ارباح واموال طائلة، أما كل ما يحصل في البلد من فظائع اجتماعية ترتبط بالواقع المعيشي والخدماتي والقطاعات الحيوية فهو خارج اهتماماتهم”.
الصمت المطبق الذي يواجَه به ارتفاع سعر الدولار، يثبت نجاح هؤلاء التجار ومحركي التطبيقات الدولارية، بألاعيبهم وحيلهم. إلا أنه، وبحسب اوساط مراقبة، “الناس تتدبر امورها حتى الساعة، بالرغم من ان الفقر نهش شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى وحوَّلها الى شبه معدومة. لكن ومع تآكل القدرة الشرائية وتلاشي الخدمات العامة وانقطاع الكهرباء وفقدان الماء والدواء، فإن الامور لن تبقى على حالها والتراكمات اليومية لا شك ستنفجر في وجه اصحاب القرار السياسي”.
الاوساط عينها، ترسم صورة قاتمة حول مآل الاوضاع العامة، مشيرة الى ان “كل المعطيات تؤكد ان الحل خارجي واظهار التعقيدات الحكومية المرتبطة بالداخل، كآداة لتعطيل البلد والاقتصاد وتبسيط الامور وحصر مشكلات التأليف بالمداورة والحصص والحقائب، إنما هي خدعة لحرف الانظار والتعمية عن حقيقة ارتهان البلد لقوى خارجية واخضاعه للقرارات الدولية والإقليمية”.